مفاجأة غير سعيدة

TT

نشرت صحف خليجية خبرا مفاده أن حراس الأمن في أحد المجمعات التجارية في المنامة (البحرين) أوقفوا شبابا سعوديين لالتقاطهم صورا لفتيات في أحد المجمعات التجارية عبر كاميرا الجوال التي بحوزتهم، دون استئذان أو رضا الفتيات. وذكر مسؤول في المجمع أن مثل هذا التصرف المرفوض وغير الحضاري بات يتكرر في المجمع، وأن أغلب الحالات وللأسف الشديد ترتكب على أيدي شباب سعوديين يسيئون استغلال فرصة تواجدهم في المجمع بمعاكسة الفتيات والتطاول عليهن بمثل هذه الممارسات التي تصل في بعض الحالات للتلاسن أو التشابك بالأيدي، إلى أن تصل المسألة إلى الاستعانة برجال أمن المجمع الذين يقومون بمصادرة كرت الذاكرة المخصص لتخزين الصور وعمل ما يسمى بـ(الفورمات) لجهاز الهاتف، حيث يقصد من هذه العملية مسح الصور التي تم تخزينها على الذاكرة الأساسية لجهاز الهاتف المحمول، مضيفاً أن رجال أمن المجمع لجأوا في العديد من المرات إلى الاستعانة بالشرطة عندما يعجزون عن التفاهم مع مرتكبي هذه الأخطاء حيث يرفض البعض منهم الانصياع لأوامر رجال أمن المجمع. وذكر رجل أمن من التابعين للمجمع «أن بعض الشباب الذين لا تحمل زيارتهم أي أهداف يتصفون بالجرأة، وغالبا ما يظهرون عدم خشيتهم من العقوبات في قضايا التحرش بالفتيات المتواجدات في السوق سواء كن من البائعات أو المتسوقات ومن كل الجنسيات».

ويضيف رجل أمن آخر قائلا «من اللافت أن بعض هؤلاء الشباب يضمر نظرة دونية لرجال الأمن الذين يسمونهم (السكرتي) وهي اللفظة المحرفة لمسمى رجل الأمن باللغة الانجليزية (سيكيورتي) مستشهدا بحالات سابقة رفض فيها عدد من الشباب الذين ضبطوا في تجاوزات أو ممارسات تتنافى مع الذوق العام والانصياع لأنظمة المجمع التي ينفذها رجل الأمن، بل لا يكتفي هؤلاء الشباب بهذا، إنما يقومون بالتلفظ على رجال أمن المجمع والاستهزاء بهم، إلا أنهم في النهاية يضعون أنفسهم في موقف لا يحسدون عليه حينما نضطر لاستدعاء الشرطة». إذا تجاوزنا النظرة التي ستسارع للتنصل من موقفنا التربوي والممارسات السلوكية الخاطئة لبعض شبابنا الذين يشكلون ظاهرة لافته للنظر، في بلادنا وفي البلاد التي نلتقي بهم كسائحين، فإن هذا الخبر يختصر كثيرا من صورة أزمة التربية. شبابنا الذين ضجت صحف مجتمعهم وآراء خبراء التربية والتعليم والدين والاقتصاد بمفردة أن مجتمعنا «ذو خصوصية» فاتهم فهم الخصوصية بالمعنى الشخصي، الذي يعني احترام منطقة الغير وعدم التعدي عليه بالتصوير أو التلفظ علية أو إيذاءه أو التطفل عليه.

في الرياض وخارج الرياض يمكن لمس هذا السلوك جليا في تصرفات النساء والرجال من جيل الأمهات والآباء، فماذا نتوقع أن يكون عليه الأبناء، فالنساء اللاتي يتكئن على أنهن غير معروفات لأن الحجاب لا يكشف هوياتهن يتلصصن على من يمشي بجانبهن ويطلن النظر ومتابعة دقائق أموره وحديثه والتفرج عليه حتى يغادر مجلسه، أما الرجال فإنهم لا يتحرجون من التلصص على كل امرأة تمر من جانبهم وملاحقتهن بالنظر. أما الشباب حينما وجدوا أنفسهم في عصر تكنلوجي متقدم، فانهم توقعوا أن تطور أجهزة الجوال في أيديهم وتوفرها على خدمة التصوير وكاميرا الفيديو، ستسهل عليهم فرص إرضاء فضولهم وتلصصهم بتسجيل هذه اللحظات في كاميراتهم دون الفطنة بأن تصوير الآخر دون إذن منه وموافقة هو خطأ يعاقب عليه القانون، فكيف يفهم الشباب هذه الوصايا طالما لا قانون يعاقب عليها في شارعهم ولا منزل يؤسس هذه الآداب ولا مدرسة تحث عليها. لهذا تجد منهم من يسخر من موظف أمن يلبس ثيابا نظيفة وليس في يده مسدس يوقفه، فهو لم يعهد قانونا يحرس الآخرين من هذه التحرشات وكل ما اعتاده أن يسحب المجتمع النساء من أمامه واخفائهن عن ناظره حتى لا يثرن فضوله أو إلقاء التهم على النساء اللاتي يثرن أفكار تلصصه وتحرشه فهو المسكين وهو الضحية، فلماذا يصبح الآن وهو يمارس هوايته في سوق خارج مجتمعه مدانا. يا للمفاجأة غير السعيدة والظالمة بحقه.

[email protected]