من المطبخ أحييكم!

TT

لم تغفل المجندات من النساء في قضايا تحرير بلادهن، كما في كتائب المقاومة في فلسطين والشيشان، عن التأكيد أن واجبهن خارج المنزل لا يشغلهن عن واجبهن داخل المنزل، من إعداد المائدة والطبخ والعناية بالأطفال، وإتمام كافة هذه المهمات قبل الذهاب لتلقي التدريبات الحربية.

قرأت مرة عن نساء في إحدى قرى روسيا الشرقية المسلمة وقد تولين مهمة حراسة قراهن ضد السرقات وأحداث الاعتداء على شرف النساء بعد أن ذهب أزواجهن للعمل في الخليج. وتأكيدا على أن المرأة مهما تقدمت خارج منزلها ومهما شغلت مناصب ذات حساسية بالغة حتى ولو كانت حربا ومقاومة، فعليها أن تدرك أن مهمتها الأولى هي منزلية بالدرجة الأولى.

في ظني المتواضع أن حجر النساء في مساحة الخبرة المطبخية المحدودة هي التي تقود بعض الرجال للنظر بدونية لعقول النساء، وتأصيل ما يتماشى مع هذه الثقافة من أمثال وحكم وحكايات فلكلورية، وهذا في ظني أيضا هو السبب الرئيسي في فشل العراقية ساجدة عتريس التي فشلت في تفجير نفسها في أحد فنادق عمان وتم القبض عليها وفضح مخطط الزرقاوي في عمان الذي كان يريد منح النساء حق تفجير أنفسهن مساواة بالرجال طالما أن العالم اليوم يرفع شعار المساواة بين النساء والرجال، وقد ظن أن فخامة الخبر بأن منفذي العملية ثلاثة رجال وامرأة سيحصد إعجاب منظمات الدفاع عن حقوق المرأة، لكن الزرقاوي بلا شك لطم وعض إصبع الندامة على مشروعه الحضاري، وعاد لشعاره الاجتماعي الشهير (غلطان من يعتمد على امرأة!).

اليوم أشاهد خبرين تبثهما وكالات الأنباء الخليجية، هما مشاركة أول امرأة كويتية في البرلمان الكويتي وهي السيدة الرشيد، محاطة باحتفاء المثقفين الكويتيين بحضور المرأة في الساحة السياسية ومؤكدين على أن البرلمان الكويتي سيكون أكثر تهذبا مما هو عليه بمجرد دخول النساء إليه، في إشارة لتردي اللغة التي وصل إليها البرلمان في مشاحناته وشتائمه النابية، كما احتفى معظم الكويتيين بوصول النساء إلى حقهن السياسي بعد أن نالت الكويتية حظا كبيرا في الوصول إلى معظم حقوقها الأسرية المجتمعية قياسا بمجتمعات الخليج. الخبر الثاني هو دخول المرأة السعودية في انتخابات الغرفة التجارية في جدة وسط ترحيب من بعض الأوساط الرسمية والثقافية بهذه التجربة والتأكيد على حقها في الوصول لباقي حقوقها التي لا تزال تحت النقاش والطلب والممانعة.

حركة التغيير هذه هي حركة تاريخية ستخرج المرأة من المطبخ للمجتمع لدفعها في مشاركة واعية تليق بمساحة نصف المجتمع، لكن بقي أن أشير إلى أنه بدون دعم كامل لهذه المشاركة ستظل نظرة المجتمع الدونية لهن تحبسهن في أسرار المطابخ وستظل رسالة المرأة الدائمة: من المطبخ أحييكم!

[email protected]