صديقي العانس وخبر «العربية»

TT

في موقع قناة «العربية» الإلكتروني قرأت خبرا مساء الثلاثاء الماضي يمكن تلخيصه على النحو التالي: «قررت 4 معلمات سعوديات الزواج من سائقهن الذي كان يوصلهن إلى مقر مدرستهن في إحدى القرى النائية لما يتمتع به من أخلاق حميدة، حيث اتفق الجميع على البقاء سويا في تلك القرية بدلا من تعب الرحيل اليومي، مع تخصيص راتب شهري للزوج، وقد وافق السائق المحظوظ، وأكمل بالفعل مراسم الزواج من المعلمات الأربع دفعة واحدة وبشكل مبسط ومختصر وسط دهشة الجميع»!!

وقد أبلغت صديقي «العانس» بالخبر، فجاء يقطع الطريق قفزا، وكأنه قد وجد حلا لمشكلته المزمنة، إذ قرر أن «يبيع الجمل بما حمل» ويشتري سيارة تمخر عباب المناطق النائية.. وبدلا من التعثر الذي أصابه في الحصول على زوجة واحدة أصبح الرجل يتحدث بالأربع، وقد ازدادت طموحاته في إنجاب كتيبة من البنين والبنات، يعهد بتربيتهم إلى أمهات صالحات قانعات، وعلى دراية كبيرة بقضايا التربية.

وقد أكملت فرحه بأن قصصت عليه حكايتي حينما كنت موجها تربويا أجوب المناطق النائية، وكيف كنت أحل ضيفا إذا ما حل المساء على صديق لي استوطن تلك المناطق البعيدة، فكان يغير سكن ضيافتي كل ليلة، وحينما سألته أجابني بأنه متزوج من أربع، وأن لديه أربعة بيوت يتنقل بينها، ولم يجد بدا من استضافتي كل ليلة في ملحق البيت الذي ينتقل إليه، وكان يعلل زواجه من أربع بالقول: «في هذا المكان النائي الذي تحيطك فيه الجبال من جهات الأرض الأربع، ليس ثمة ما يمكن أن يبهج أكثر من تعدد الزوجات». وأردف كلامه قائلا: «يقولون إن زوج الاثنتين عريس كل ليلة، فما بالك بزوج الأربع؟».

وبصراحة بدأت اقتنع برأي الرجل، وتضخمت في دواخلي عبارة «زوج الاثنتين عريس كل ليلة»، وبحت جهالة لزوجتي بحواراتي معه، ففوجئت بحرمنا تصدر فرمانا يحرم علي أن احتفظ بأية علاقة مع ذلك الرجل، حتى ولو اضطرني الأمر للنوم في العراء، ولو أكلتني الذئاب رغم الصلة التي تجمع بين الـ «دياب» والـ«ذئاب»، إذ أدركت بفطرتها الأنثوية مدى تأثري بأفكاره، وغدا ذهابي إلى تلك المناطق النائية أمرا يقض مضجعها، لذا كان يوم أن خطفتني الصحافة من وظيفتي التربوية يوما مبهجا بالنسبة لها، تم فيه إغلاق الباب الذي تأتيها منه الريح وآن لها أن تستريح، فهي على يقين بأن مهنة الوراقين هذه التي ارتميت في أحضانها لا تنتج سوى عرائس من ورق، حينما تغدو حياتك فيها ورقا في ورق في ورق، وليس أمامك سوى أن تبلله وتشرب ماءه، إن هز شوقك القديم خبر كالذي طرحه موقع «العربية» في صفحته الرئيسية، وجعل صديقك «العانس» يهجر المدن الإسمنتية، ويهيم بروحه طليقا في أرض الله النائية.

[email protected]