الإمارات قفزة إلى...

TT

إعلان الشيخ خليفة بن زايد رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة النية لادخال تعديلات على اسلوب اختيار اعضاء المجلس الوطني، يجمع بين الانتخاب والتعيين من اجل اطلاق مرحلة دستورية جديدة لتفعيل وترسيخ المشاركة السياسية للإماراتيين بالطبع، وبكل تأكيد، انه قفزة الى المستقبل!

فليس بجديد القول إن الإمارات، منذ فترة حكم حكيم العرب الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، كانت وما زالت دولة عاقلة، تهتم بالانسان، اكثر من الاهتمام بالشعارات، وهذا داء عربي انجى الله منه جل دول الخليج، على مستوى القيادة.

العقلانية السياسية، والمرونة والتفاعل والتقدم الاقتصادي امر واضح في تاريخ وواقع دولة الإمارات العربية المتحدة، ولا يمكن الجدال عليه. فرغم كل المطبات الهوائية العاصفة التي مرت بالمنطقة، والخليج بالذات، من حروب وازمات، وموجات صحوة، او غفوة كما يروق للبعض تسميتها، الا ان الدولة احتفظت بانضباطها السياسي العقلاني، فلم تطل دولة الإمارات الوقوف كثيرا عند قضايا جدلية، لا يمكن القول عنها الا انها مفتعلة.

فقضية المرأة لم تكن موضع صراع، وتجد الإماراتية تعمل، وتتعلم، وتشارك، ولم تتنازل عن اعراف مجتمعها، كذلك سلمت الامارات من الجدل الديني السياسي وحتى القبلي، واستطاعت ان تتجنب العواصف السياسية الداخلية على مستوى القيادات في كل امارة، بمعنى انها استطاعت الحفاظ على الوحدة الوطنية حتى بعد رحيل الشيخ زايد، واستطاعت أن تخرج من دائرة الصراع المؤدلج بكل اقتدار، واستطاعت ان تسخر الطاقات للعمل المثمر لا الشعارات، وهذا ليس في الماضي فحسب، بل واضح ان الرؤية ثابتة حيث تجلى ذلك فيما قاله الشيخ خليفة بن زايد في خطابه بمناسبة اليوم الوطني الرابع والثلاثين لبلاده عن «ضبط الترهل وتقويم المعوج ودفع الباطل والتخلص من المعوق»، مطالبا المؤسسات الحكومية والدينية والثقافية والاعلامية ومنظمات المجتمع المدني، بتحمل مسؤولياتها في غرس قيم العمل. لكن بقيت قضية القضايا، او السلك الكهربائي المكشوف بالنسبة للإماراتيين، والذي من الخطر بمكان، او يمكن وصفه بانه كعب أخيل بالنسبة للإمارات، وهي قضية التركيبة السكانية.

واكثر ما لفت نظري وراق لي في خطاب الشيخ خليفة بن زايد عن قضية التركيبة السكانية، الطريقة التي شخص بها الحالة عندما ربط أية معالجة لهذه المشكلة، بتحسين برامج التدريب وأساليب ونظم التعليم. اي اهلا بالمواطن الكفؤ المؤهل، لا المواطن بالجنسية فقط، من اجل اقتصاد انجع، ووطن اقوى. بعد كل ذلك، وعن قناعة، اقول نعم ان الامارات قفزت قفزة كبيرة الى المستقبل.

[email protected]