كتاب كبير.. صدمة متوسطة

TT

ما هو حجم الصدمة لديك عندما تسأل طالباً في المرحلة الثانوية عن نوعية الكتب بمنزله، فيرد بأنها من النوع الكبير والوسط والصغير.

اتوقع أن حجم الصدمة أيضاً سيتفاوت بين الحجم الكبير والوسط، علماً بأن السؤال شمل 60 طالباً، حوالي النصف منهم لا يملكون مكتبة من الأساس في بيوتهم. والذين فهموا معنى القراءة الجانبية لم يتعدوا الستة شبان فقط.

وقبل الخوض في الأسباب التي ذكرها الشبان الصغار في السعودية عن أسباب عزوفهم عن القراءة لا بد من الاشارة الى ان ضعف الاطلاع حالة عربية عامة، فبحسب آخر احصاءات منظمة «اليونسكو» العام الماضي، أظهرت أن حجم ما يقرأه الفرد العربي لا يتعدى ست دقائق سنوياً، فيما أشار تقرير التنمية العربية 2003 الذي اهتم بالجانب المعرفي أن حجم ما يترجمه العرب من المحيط للخليج أقل مما تترجمه اسبانيا فقط. وأضاف التقرير أنه ليست الكتب والترجمات فقط هي المشكلة، ولكن ثقافة القراءة بالعموم في تردٍ.

وبالعودة للشبان الصغار يرى ناصر انه «لا يوجد وقت للقراءة، خصوصاً مع كم الواجبات الدراسية التي تستغرق ما يقرب الساعتين يومياً، فأنا اريد أن أمارس حياتي الطبيعية أيضاً ولا أريد أن اغلق على نفسي الابواب وأبقى حبيس البيت».

ويتدخل زميله عمار ويضيف «ما الحاجة للقراءة أساساً، طالما أننا ندرس في المدارس كل ما نحتاجه. لا أعتقد أننا بحاجة لأي كتب جانبية فالمناهج تفي بالغرض». عمار وجد استحساناً في الصف المدرسي عندما عبر عن رأيه الذي يبدو انه رأي الغالبية.

الطلاب الستون لم يسمعوا يوماً بتركي الحمد، أو حاولوا على الاقل البحث عن رواية «بنات الرياض» الصادرة حديثاً، والتي اثارت جلبة غير مسبوقة في السعودية لكاتبتها رجاء الصانع.

غير أنهم جميعاً أبدوا معرفة جيدة عن الشعراء الشعبيين الذين يتصدرون المجلات الشعبية الشهيرة. وبعضهم قدموهم على انهم كتابهم المفضلون.

لا أعتقد اني بحاجة في هذه الزاوية لبيان مدى اهمية القراءة ودور المؤسسات التعليمية، والمنزل، والاندية الأدبية والمؤسسات المدنية في ترسيخ قيمها. ومعارض الكتاب التي تعقد من وقت لآخر لا بد ان تكون حملاتها اقوى، فمن غير المعقول أن تمر بعضها بدون ان يعلم ساكنو المدينة أن هناك معرضاً للكتاب في مدينتهم.

ليس لدي ما أقوله سوى قصتين علهما تفيان بالغرض، وخبر من وزارة التربية والتعليم ظهر قبل عامين عله يفي بدوره لبيان أحد اطراف المشكلة.

القصة الاولى حدثت العام الماضي على المقاعد الجامعية، عندما أعلن استاذنا عن منح عشرين درجة لمن يخبره عن ميلة باب المكتبة عندما يُفتح هل يذهب الى اليمين أم الشمال. فقررت أنا وزميلي أن يقول أحدنا اليمين والآخر الشمال، ومن يتضح أن جوابه صحيح ينال الدرجات. وكان ما اتفقنا عليه. وبعد محاولات باقي الطلاب أخبرنا الاستاذ أن مكتبة الكلية مقفلة منذ عام ونصف العام.

والقصة الثانية حدثت قبل ثلاث سنوات في المرحلة الثانوية عندما طالبنا معلم مادة التعبير بكتابة صفحتين مليئتين بالمحسنات البديعية والصور الشعرية. وعندما حار أحد الزملاء في الكتابة سطر قصيدة جبران خليل جبران «أعطني الناي وغني» التي غنتها فيروز. فما كان من المعلم الا أن ذهل وطلب منه أن يلقيها على الطلاب، ونصح زميلي بالقراءة أكثر لتطوير مهاراته الشعرية. كيف لمعلم لغة عربية أن لا يطلع في حياته على جبران؟

مجرد سؤال، ربما نجد اجابته في الخبر الصادر عن وزارة التربية والتعليم قبل عامين والذي قام بسحب 14 كتاباً دفعة واحدة من المكتبات المدرسية بحجة طمس صور بعضها واحتواء بعضها الآخر على محظورات رقابية.

[email protected]