بوش يكرر خطابه مرة أخرى

TT

خطاب بوش الاخير .. إنه مثير للاستغراب، وكأنك تراقب نموذجا كومبيوتريا للرئيس بوش بعد وضع برنامج ما فيه، على هيئة نقاط مبرمجة تخص إدارته.

قال بوش في خطابه الذي ألقاه داخل الأكاديمية البحرية قبل ايام: «نحن لن نتراجع أبدا. ونحن لن نستسلم. ونحن لن نقبل أقل من النصر الكامل».

لا أظن أن هناك أناسا كثيرين صدقوا ما قال. فأعضاء حزب بوش أنفسهم يتطلعون بعصبية لانتخابات الكونغرس التي ستجري في السنة المقبلة. وهم على استعداد للتخلي عن العراق إذا كان ذلك يعني فرقا بين أن يعاد انتخابهم أو أن يكون عليهم البحث عن عمل جديد. كان التبرير لشن هذه الحرب، التي كلفت حتى الآن حياة 2100 أميركي وعشرات الآلاف من العراقيين، غير جاد ولم تكن الحرب بسبب هجمات 11 سبتمبر، وتم خوضها بطريقة تخلو من الكفاءة إذ نحن لم نرسل العدد الكافي من الجنود أو العدة الكافية، وسيتم إنهاؤها بواسطة أشخاص مهوسين لا بأمن الولايات المتحدة أو بمصلحة الوحدات العسكرية بل بالتقويم السياسي. قال بوش «أنا لن أقبل بأقل من نصر كامل»، ثم قام بتعريف النصر كما يلي: «سيأتي النصر حينما لا يكون بإمكان الإرهابيين والصداميين تهديد ديمقراطية العراق، وحينما تكون قوى الأمن العراقية قادرة على توفير الأمن لمواطنيها، وحينما لا يكون العراق مأوى آمن للإرهابيين كي يخططوا لهجمات جديدة ضد أمتنا».

تلك هي بعض نقاط خطاب الأربعاء، وهذه هي الحقيقة الحالية : لا تمتلك المهمة في العراق والتي تكلف 6 مليارات دولار شهريا مقومات الاستمرار وهذا مماثل للدعم السياسي للحرب. وحاليا هناك إجماع حول سحب وحدات أميركية ضخمة خلال عام 2006 .

في الوقت نفسه ما زالت قوات الأمن العراقية ذات تسليح سيئ وعددها دون ما هو مطلوب ويتغلغل في صفوفها أعضاء من المليشيات الخاصة والمتمردين. وفي كل الأحوال فإنها عملية هواة. رغم الصورة الزاهية التي قدمها جورج بوش، فإن الديمقراطية على النمط الاميركي لا وجود لها في العراق. فعلى سبيل المثال هناك ادلة متزايدة على ارتكاب انتهاكات فظيعة لحقوق الانسان، من بينها الاختطاف والتعذيب والقتل، من جانب القوات العراقية المتحالفة معنا.

باختصار، الصورة في العراق ليست زاهية بأية حال، ولا يوجد ما يشير الى تحسن كبير في المستقبل القريب.

اكد بوش في خطابه ان القوات الاميركية «لن تهرب أمام مفجري السيارات والقتلة» ما دام هو القائد العام للجيش الاميركي.

اذا لم تعالج إدارة بوش بجدية مسألة سحب القوات الاميركية من العراق بصورة منظمة، فإن هذه العملية ستجرى على نحو يفتقر الى الكفاءة، كما هو الحال في مرحلة ما بعد غزو العراق. خفض حجم القوات الاميركية في العراق لم يعد سرا. فبالإضافة الى ضغوط الحزب الجمهوري هناك حقيقة تتمثل في عدم وجود قوة بشرية كافية بالجيش الاميركي لدعم الوعود التي تفتقر الى الجدية والاهتمام. في هذا السياق قال السناتور الجمهوري جوزيف بيدن في مقال نشرته صحيفة «واشنطن بوست» ان الولايات المتحدة ستسحب في الغالب 50 ألفا من أفراد قواتها في العراق بنهاية العام المقبل و«عددا كبيرا» آخر من القوات المتبقية بنهاية العام 2007 . أي رئيس لا يفعل اكثر من مجرد الحديث لا يستطيع كسب ثقة الرأي العام على المدى الطويل. بوش يعاني من فقدان الصلة بالواقع على نحو مثير للقلق، وهذا امر يبدو غريبا على سياسي اختاره حزبه على أساس قدرته على خلق الفعالية والنشاط والثقة التي كان يفتقر اليها منافسوه الديمقراطيون.

* خدمة «نيويورك تايمز»