أزمة ضارة بالصين وأميركا

TT

وفق كل التفسيرات المتوفرة، فان الصدام الذي جرى بين طائرة التجسس الاميركية والمقاتلة الصينية مطلع الاسبوع الحالي كان مجرد حادث. غير ان بعض الحوادث تنقلب في التعاطي الدبلوماسي الى قضايا وخيمة العواقب. فالطائرة الاميركية لا تزال محتجزة في مدينة هايكو جنوب الصين، اما افراد طاقمها فيبدون كرهائن. الى جانب ذلك، يطالب الرئيس الصيني جيانج زيمين واشنطن باعتذار رسمي عن الحادث الذي راح ضحيته طيار صيني. وتشير تطورات الحادث الذي يشكل تحديا كبيرا لسياسة الرئيس بوش الخارجية، الى احتمال تدهور العلاقات بين البلدين اكثر مما هي عليه من تدهور، خاصة بعد ما لحق بها من اضطراب جراء ما شنه الرئيس بوش الشهر الماضي من هجوم كلامي بحق بكين. غير ان ذلك لا يحقق اي مصلحة للجانبين. ولعله من المفيد لواشنطن ادراك اسباب الاحباط الصيني. فقبل عام قصفت الطائرات الاميركية السفارة الصينية في بلغراد، مما اسفر عن مقتل عدد من الدبلوماسيين الصينيين. وحينها طالبت الصين الولايات المتحدة باعتذار عن الحادث، غير انها لم تحصل عليه. وكل ما فعله الاميركيون كان ايضاح ان الحادث جرى في سياق حرب حلف شمال الاطلسي (ناتو) ضد يوغوسلافيا وان السفارة الصينية لم تكن مستهدفة. غير انهم هذه المرة سيجدون صعوبة في تفسير ما جرى، فطائرة التجسس الاميركية اقلعت من تايوان، التي تعتبرها الصين من بين ولاياتها، بينما كانت تقوم بنشاطات قرب قاعدة جوية صينية. وقد يكسب الرئيس الصيني تصفيقا محليا لوقوفه بقوة في وجه واشنطن، بيد ان ثمن ذلك سيكون باهظا من جهة اقتصادية ودبلوماسية. فهناك حماس الصين الشديد للانضمام الى منظمة التجارة العالمية الذي قد يواجه بفيتو اميركي، كذلك قد تخسر الصين وضعية «الدولة المفضلة» تجاريا التي كافحت بشدة للحصول عليها من الولايات المتحدة. وهذا بدوره ربما قاد الى تجميد نقل التكنولوجيا الاميركية التي يحتاجها الاقتصاد الصيني للحفاظ على معدلات نموه المدهشة.

في المقابل، من الضروري للرئيس بوش ان يتفهم اسباب الغضب الصيني، كما انه ليس من الحكمة التعامل مع دولة بهذا الحجم والامكانيات كما لو كانت من «جمهوريات الموز» لاعتبارات السياسة المحلية الاميركية. ينبغي على اصدقاء واشنطن وبكين التوسط بين الطرفين لحسم هذه الهزة الجديدة في العلاقات بينهما، والتي من شأنها تصعيد التوتر في القارة الآسيوية وإلحاق مزيد من الاذى بالاقتصاد العالمي في وقت ليس بالهين.