لماذا يستخدمون السيستاني ؟

TT

صدمتنا جميعا الدعوة المنسوبة الى المرجع الديني آية الله علي السيستاني، التي تدعو العراقيين الى التصويت ضمناً للائتلاف العراقي الموحد. فهي تخالف ما نسب اليه سابقا بانه لن يفتي بالاختيار الانتخابي ولن يشجع حزبا ضد آخر وسيكون فوق الصراعات السياسية في البلاد.

خطأ كبير أن يقحم أعلى مرجع في البلاد في النزاعات الانتخابية مثل البيان المنسوب اليه الذي يساند فيه القوائم الدينية، وبشكل شبه جلي قائمة الائتلاف التي تضم التجمع الشيعي الديني. بمثل هذه الدعوة ادخلوا المرجع والمرجعية في لعبة الانتخابات التي ستزيد من شقة النزاع في البلاد.

فالسيستاني شخصية مهمة، ولها ان تصبح مثلاً للوحدة العراقية لا للانقسام الديني، ومرجعاً لكل العراقيين لا بعضهم. وبالتالي إدخال رجل، بحجمه، التنازعَ الانتخابي فيه انتقاصٌ من القيمة الكبيرة التي بناها خلال السنتين الماضيتين في الأزمة العراقية حيث كان مرجعا للوحدة ومبشرا بالتآخي وضامناً لمستقبل العراق. ومن المؤكد انه عندما يصطف، مؤيدا، الى جانب فئة ضد أخرى فإن ذلك سيهدد كل ما دعا اليه السيستاني نفسه.

أيضا، الديمقراطية لا تستقيم إن وجد من يؤثر على الناس ضد حرية اختيارهم، وإلا ما قيمة الانتخاب إذا كان يطلب من الناخبين ان يصوتوا لفريق بعينه؟ بهذه الصورة لم تعد انتخابات. والحقيقة الأخرى أن الائتلاف العراقي الموحد الذي روج لهذه الدعوة ليس بالفريق الصغير حتى تهب المرجعية لنجدته. فهو يملك مؤهلات اكثر من بقية الاحزاب للفوز، وله تجربة سياسية عريقة، وتنظيم شعبي كبير، بما يؤهله لكسب الانتخابات بنسبة كبيرة.

والحقيقة أنه لا يهمنا من يفوز في الانتخابات بقدر ما يقلقنا جميعا إقحام المرجعيات الدينية في النزاعات السياسية، وإدخالها دهاليز التحزب التي قطعاً ستقسِّم العراقيين وتهدِّد مستقبل البلاد. العراقيون هم في وقت أحوج الى ان تكون المرجعية صوتَ العقل في زمن غلب فيه الجنون، وداعيةَ التآلف في وقت اشتد فيه التنافس الفردي والاصوات التي تدعو علانية للتقسيم او التناحر.

والمرجع الديني آية الله السيستاني كانت له مواقف كبيرة في وقت الأزمات الماضية في فترة إعداد الستور وأزمة جرائم العمليات الانتحارية. كما سمعنا كلاما مشجعا عنه يدعو للتفاؤل كان آخره من الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، الذي زاره في منزله في رحلته الماضية للعراق، وقال انه وجده أكثر داعم للوحدة العراقية.

الانتخابات العراقية هدفها منح المواطن ان ينتخب من يرى فيه الكفاءة ليدير شؤونه المعيشية، وهذا اختيار شخصي، ضمن تنافس عادل يفترض ألا تكون فيه محاباة لطرف على آخر. فالناس هي التي تقرر، ولا يقرر لها، وتصبح مسؤولة عن اختيارها لاحقا لتحاسبه إن أخفق في واجباته او افلح فيها. وهنا يصبح المرجع الديني حكماً وليس طرفاً، هذا هو المأمول منه وهو الذي حظي بتقدير السنّة مثل الشيعة وكسب احترام الجميع على مواقفه الكبيرة في الازمات الماضية.

[email protected]