الدراما السورية

TT

نالت انتاجات المسلسلات التلفزيونية السورية، سمعة استثنائية في السنوات الأخيرة، وباتت تحظى بمتابعة كبيرة في أوساط المشاهدين، نظرا لاهتمامها بالتفاصيل الدقيقة واختيار الاشخاص المؤهلة للادوار المناسبة.

ولعل أحد أهم عناصر نجاح الدراما السورية، كما باتت تعرف هو حرفية ومهارة، وتمكن المخرج السوري من إبراز العنصر الدرامي، وحسن اختيار المواقع، وطبعا تميز اختيار الأبطال المنفذين للأدوار.

هذه الخلفية كانت على بالي، وأنا أتابع وقائع المؤتمر الصحافي، الذي عقده الشاهد المقنع حسام هسام، أو هسام هسام (فالاسم غير متفق عليه حتى الآن) في دمشق، وأقر فيه أن شهادته في لبنان كانت مفبركة، وأنها حدثت بعد الضغط غير المسبوق عليه والاغراءات المالية التي قدمت له، وها هو يعود لدمشق بعد يقظة ضمير وعودة الروح إليه. وبدأ بالتالي يفند الوقائع والشخصيات التي كانت موجودة معه أيام التحقيق في لبنان (وهو ما نفاه كل شخص استشهد به نفيا قطعيا تماما)، ولعل هذا النوع من التحولات الذي يطلق عليه بالعامية «واسعة» أو «اكسترا لارج»، لا يكون فقط غير مقبول، ولكن فيه أيضا إهانة هائلة للعقل. فاستمرار التعامل مع الاحداث بأنها بمجملها كذبة كبيرة وأن ما يحدث ما هو إلا «مؤامرة محبكة الأطراف الغاية منها كذا وكذا».

الحفاظ على سوريا، يجب أن يكون الهدف الأسمى والأهم من الحفاظ على أشخاص بعينهم وفي سبيل تحقيق هذا الهدف المهم، يبقى تحدي الحفاظ على الأمانة والمصداقية. وعليه فإن طروحات تقدم وفي محافل دولية، بأن شاهدا مهما وصاحب أقوال دقيقة جدا يقرر فجأة تغيير رأيه من الصعب تصديقه، وخصوصا حين متابعة وتحليل الاحداث الاخرى الحاصلة والتصــاريــح الصادرة من الأطراف المعنية بالتحقيق. فإذا كان من الممكن تصديق شاهد يتراجع بهذا الشكل «الدرامي»، فلننتظر بعد ذلك شاهدا يصاب بالزهايمر وينسى كافة التفاصيل والأشخاص والأحداث، وشاهدا آخر ينتحر وهكذا..

هناك مدرسة معروفة في فن الاخراج، وهي تعتمد أساسا على فكرة ومبدأ أن المخرج «عاوز كده»، وطبعا هناك مدرسة أخرى لا تقل عنها خطورة وأهمية، وهي أن الجمهور عاوز كده وبين الاثنين، تتم اعادة صياغة الحقيقة والواقع بقالب مزيف مليء بالمؤثرات الصوتية، وطبعا الكثير من الخدع الصوتية يقوم بها كومبارس من الصف الثاني لقاء أجر زهيد. ما يحدث اليوم في البلاتوه والاستديو السوري، هو اخراج رديء في زمن لا يعترف إلا بالحبكة الهوليوودية أو تلفزيون الواقع، وما تم مع «حلاق بيروت» هو أشبه بمسلسل هندي مدبلج للميكميكي بدون ميزانية كافية.

هناك أوبرا عالمية مشهورة باسم حلاق اشبيلية، وهي من أعظم ما انتج فنيا، ولكن يبدو أنه على المستوى السياسي سيكتب لحلاق بيروت شهرة أهم في الفترة القادمة. وحتى تظهر الحقيقة، لا نملك سوى قول «نعيما» على كل حال.