هل ينقذ البرغوثي فتح؟

TT

منذ ان حكم الاسرائيليون على مروان البرغوثي بالحبس مدى الحياة والأنظار مركزة عليه؛ سيخرج بطلا وسيكون مانديلا الفلسطينيين. اليوم زاد التحدي لإسرائيل عندما وضعه الفلسطينيون على رأس قائمتين انتخابيتين. ومن المرجح ان ينتصر له الفلسطينيون، وسننتظر حينها كيف سيتصرف الاسرائيليون. هل سيبقونه زعيما منتخبا مسجونا أم سيفرجون عنه هدية سياسية ويلغون الحكم المؤبد الى ما لا نهاية؟

اذا كان المواطن الفلسطيني سيتحدى الاسرائيليين بالتصويت لمروان، فان لا احد من المرشحين الفلسطينيين سيتحدى البرغوثي، وهو في سجنه. لكن الساحة الفلسطينية خارج موضوع السجين رقم واحد ليست بهذا التوافق، وقد بدأت معاركها الكلامية والميدانية وانشقاقاتها السياسية. وبالاحتكام الى الصندوق الانتخابي، يُنتظر ان تسقط رؤوس كبيرة، وستدهس كيانات تاريخية، وما رأيناه بالأمس في نابلس من هزيمة ماحقة لفتح مؤشر أولي على ما قد يحدث برلمانياً بعد اسابيع قليلة، أي مطلع العام المقبل.

اعتقد ان كل الفلسطينيين يتفقون على البرغوثي كونه يمثل رمزين في آن واحد، سجنه سجن لكل الفلسطينيين، وتاريخه النضالي أسس للمستقبل الفلسطيني؛ فهو مؤسس للمرحلة التي دفعت الاسرائيليين الى الخروج شبرا شبرا من سياسة الرفض، ومن أرض غزة، وفككت أكبر الأحزاب الاسرائيلية المُحَافِظة.

فإن فاز البرغوثي، وهو في قيده، ستكون الحكومة الاميركية، الراعية الرئيسية لمشروع الانتخاب الفلسطيني، مسؤولة أدبياً عن الإفراج عنه. وهي لن تعدم وسيلة لإرضاء الأغلبية الفائزة. فالإسرائيليون يسعون منذ سنوات من أجل اطلاق جاسوسهم المسجون لدى واشنطن، جوناثان بولارد، والفلسطينيون يريدون البرغوثي. فالمقايضة ستكون رأس سجين بآخر، ولن يكون صعبا تنفيذ المطلب، رغم ان المؤسسة العسكرية الأميركية تعارض اي إفراج عن بولارد في كل الأحوال، وستقف ضد أي عفو رئاسي. لكن السياسيين يعرفون انه لا قيمة لسجن أي رجل مهما عظم جُرْمُهُ إن كان اطلاق سراحه سيسهم في سلام للكثيرين.

واتفاق الفلسطينيين الرمزي لن يحول دون حدوث معارك كبيرة حيث بدأ المخاض بلديا وستليه الانتخابات البرلمانية ومن ثم رئاسيا. وفتح، الأم الراعية للنضال الفلسطيني، مهددة بالزوال في الاقتراع المقبل طالما انها تزداد معارك وانشقاقا وتنازعا على المناصب والمصالح والعداوات الشخصية. فتح هي التي ستهزم فتح وليست حماس او الجهاد او غيرها. فتح منظمة شاخت، ومنذ عقد تعاني عجزا في إدارة نفسها؛ تتآكل من الداخل وتُؤكل من الخارج. البرغوثي قد يكون البطاقةَ الانتخابيةَ التي تقنع الفلسطيني على التصويت لفتح رغم مشاكلها التي تزكم الأنوف.

[email protected]