الصحافة.. الخوف من الحرية

TT

بعد عشرين عاما من الصراع المرير بين الحكومة والبرلمان في الكويت حول قانون الصحافة، وصل الطرفان الى قانون جديد للصحافة سيُعرض على البرلمان بديلا للقانون القديم الذي صدر قبل الاستقلال، وقبل وضع الدستور. القانون الجديد يمثل ثورة صحافية، لأنه اولا يكسر احتكار الصحف اليومية الخمس، ويسمح بإصدار صحف يومية أخرى، والقانون ينص على انه لا يجوز سجن الصحافي. والقانون يشل يد وزارة الإعلام والحكومة ويجعل التخاصم والاختلاف أمام القضاء فقط.

الصحافة الكويتية اذا قيست بكثير من مثيلاتها في المنطقة هي صحافة حرة، وهذه الحرية تتسبب في أحيان كثيرة في إحراج الحكومة مع الدول الأخرى، وخاصة الدول العربية، فهناك من يعتقد ان هجوم بعض الكتاب على بعض الدول العربية يتم بمباركة حكومية. وهؤلاء لا يعلمون أن النقد الذي يطال الحكومة الكويتية من الصحافة هو أكثر شراسة وقوة من نقد الخارج، وأن الحكومة لا تستطيع منع أحد من إبداء رأيه.

هناك تخوفات مما يسمى «فوضى الصحافة»، اذا أقر القانون الجديد فهناك من يعتقد أن البلد سيمتلئ بالصحافة اليومية من كافة الاتجاهات والاجتهادات، وستصدر كل مجموعة أو كل حزب صحيفته، وخاصة أن عدد الطلبات التي قدمت حتى الآن لوزارة الاعلام بلغت خمسين طلبا لإصدار صحف يومية.

هذه التخوفات لا أساس لها، فالناس بطبيعتها تخاف من الجديد، والناس لا تدرك أن اصدار صحيفة يومية أمر سهل، لكن استمرارها صعب، وأن الصحافة اليومية تحولت الى مؤسسات ضخمة وتحتاج لامكانات. والناس لا تدري احيانا أن الصحافة الحزبية لا يمكن أن يكتب لها النجاح، فالصحافة الحزبية كالصحافة التي تسيطر عليها الحكومة لا يثق بها الناس لأنها تمثل وجهة نظر واحدة ومتميزة.

تجربة الكويت الصحافية الجديدة تستحق المتابعة، فهي الأولى في منطقة الخليج، وعلى ضوء سلبياتها وايجابياتها سترسم صورة الصحافة الخليجية المستقبلية، والمهم ألا نخاف من الحرية والجديد، وستكون هناك فورة صحافية بدون شك بعد صدور القانون الجديد لكن الأمور ستستقر، وسيكتشف الناس أن الحرية هي المخرج الوحيد من أزمة التوتر والنقد الحاد والكلمة الجارحة حيث يمكن للجميع أن يعبروا عن أنفسهم بدون خوف.