حربي الخاسرة مع اللوطيين!

TT

يوم سعيد للوطيين ويوم كئيب حزين لي شخصيا، إنه يوم الخامس من ديسمبر لهذا العام، الذي أعلنت فيه بريطانيا الاعتراف الرسمي بالعلاقة الزوجية بين الشواذ البريطانيين أو (المثليين)، وهو المصطلح التلطيفي للوطيين، هذا الاعتراف الرسمي يقضي بأن تتعامل إدارات توثيق الانكحة مع الزواج بين اللوطيين على أنه زواج موثق مثله مثل الزواج التقليدي بين الذكر والأنثى، بما يترتب عليه من حقوق وواجبات وتوارث... إلخ.

أعلم انكم ستبررون لفرحة اللوطيين بهذا اليوم «الأغر» لهم! ولكن ماعلاقتي انا بالموضوع، وهو شأن بريطاني داخلي حدث في دولة غربية علمانية؟ لقد خضت مع اللوطيين، أثناء عملي بالمركز الإسلامي في لندن، عددا من المعارك خسرت بعضها وربحت البعض الآخر، ولكني للأسف خسرت الحرب يوم الخامس من ديسمبر عام 2005، الذي شهد الاعتراف الرسمي بالعلاقة الزوجية مع خصومي اللوطيين!

أحد انتصاراتي في المعارك مع اللوطيين، حين تزعم المركز الإسلامي في لندن، الذي كنت أعمل فيه فترة التسعينات، حملة نظمها مع عدد من اتباع الديانات والطوائف والمذاهب المختلفة في بريطانيا للحيلولة دون تغيير الحكومة البريطانية للمادة 28 في الدستور البريطاني، التي تقضي بحماية النشء البريطاني من الشذوذ الجنسي، حيث وضعت الحكومة العمالية ضمن أولوياتها، تغيير هذه المادة من منطلق سياسة الحزب في حماية الأقليات، ومن ضمنها الجالية اللوطية، ساهمت هذه الحملة مع غيرها من الحملات فعلا في منع الحكومة البريطانية من تغيير هذه المادة، فربحنا المعركة التي افسد فرحتها انتصارهم التاريخي هذه الأيام بالاعتراف بزيجاتهم رسميا.

إحدى هذه المعارك الطريفة مع اللوطيين، دارت رحاها في ساحة الهايد بارك كورنر، فقد ذهبت ذات مرة أتجول بين المتحدثين في الركن الشهير في حديقة الهايد بارك، ولفت نظري لوحة قماشية دعائية ذيلت بـ (المحبين لكم والمخلصين لكم إخوانكم اللوطيين)! اقتربت منهم وقلت لزعيمهم وكان شخصية علمية مثقفة: لن أحشر قناعاتي الدينية في هذا الموضوع، لأنها لن تجدي في إقناعك ودعني أتحدث عن هذه العلاقة الشاذة التي لو آمنت بها البشرية لتعرض الجنس البشري للفناء! لا مجال لكم للحمل والولادة، فكيف لعلاقاتكم الغريبة والشاذة أن تبني أسرة وتشيد مجتمعا سليما!؟ ثم ابحث عن الأمراض الجنسية المستعصية، تجد أكثرها شيوعا بينكم معشر اللوطيين! أنتم تسبحون ضد تيار السنن الكونية والنواميس الطبيعية، وبدا لي الرجل مطرقا ومصغيا لحديثي وحججي، ولم يقاطعني بل كان مبتسما، فظننت أنني سددت له لكمة جدلية قاضية، وأيقنت أنه سينزل من منصته وسيطوي لوحته القماشية ويعلن تراجعه عن فعله الشاذ وافكاره الشاذة، فعاجلته بسؤال فيه نشوة التحدي وسعادة المنتصر: هيا كيف ترد على حججي؟ وبكل ثقة وبرود قال لي لن أرد على حججك حتى تجيبني على سؤال واحد ومختصر جدا: هل جربت؟ طبعا صعقني السؤال وظننت انه نوع من السباب والبذاءة والإهانة! لولا أني تذكرت أني في أشهر منطقة حوارية في العالم، لا يدخلها إلا من يؤمن بآداب الحوار مهما كانت درجة المخالفة، وإلا فلا مقام له فيها، كما تذكرت أني اخاطب رجلا يؤمن بمثالية هذه العمل، بل ويفتخر به ولا يرى فيه بأسا، وها هو يضحي بعطلة نهاية الأسبوع ليدافع عن بني جنسه من الشواذ، المهم أني تمالكت نفسي وكتمت غيظي وأجبت عن سؤاله طبعا بالنفي، فرد بثقة: كيف تنتقد عملا لم

تجربه!؟ جربه ثم تعال إلي مرة أخرى وأكمل نقاشك معي، أنا متيقن انك ستغير أفكارك!

دارت ساحات معاركي مع اللوطية على الساحة البريطانية وخسرت حربها باعتراف الحكومة البريطانية بزواجاتهم، وارجو ألا نرى اليوم الذي تجري فيه مثل هذه المعارك في ساحتنا العربية، وإن كانت رياح الانفلات التي هبت باسم الحريات لا تبشر بخير.

[email protected]