تخصصي جدة.. أو الفرحة التي لم تكتمل

TT

حتى عهد قريب كان المواطن السعودي إذا ما أصيب بمرض عضال لا يجد أمامه خيارا سوى السفر إلى إحدى الدول العربية أو الغربية وذلك حسب قدراته المالية، لكن السعودية شهدت خلال العقود الثلاثة الماضية وثبة في الخدمات الطبية جعلتها واحدة من أكبر مراكز الخدمات العلاجية المتخصصة في محيطها العربي والشرق أوسطي.

وكمواطن سعودي فإنني أفخر بهذه الصروح الطبية أكثر مما أفخر بأي شيء آخر، فالصحة تظل العلامة الأكثر دلالة على واقع المجتمع، فلا رقي ولا حضارة ولا تقدم إن لم يجد المريض سريرا يؤويه، وطبيبا بارعا يعالجه، ومختبرات حديثة تسهم في تشخيص مشكلاته، فالصحة قبل غيرها من الخدمات، ولها الأولوية على كل ما عداها، فلا شيء يهدد الإنسان ويسلبه طمأنينته أكثر من المرض إن لم يتوفر له العلاج.

وقد حملت ميزانية هذا العام للمواطن السعودي بشائر عظيمة نالت الصحة منها قسطا وافرا وعظيما، وحظي مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض بكل ما يستحقه من دعم لمواصلة ريادته وتفوقه، لكن ما لم أجد له ذكرا في هذه الميزانية السخية توأم ذلك المستشفى، وأعني به مستشفى الملك فيصل التخصصي بجده، فهذا المستشفى الذي يفترض أن يخدم قطاعا جغرافيا يتسم بأكبر كثافة سكانية في السعودية من جازان جنوبا حتى تبوك شمالا، يواجه منذ مدة صعوبات في مصادر تمويله بصورة دعته إلى إغلاق ملفات عدد كبير من مرضاه رغم خطورة حالاتهم، وكذلك التوقف عن قبول الإحالات التي كانت تصله من الهيئات الطبية العليا وغيرها، واستمرار هذا الوضع أدخل الكثير من المرضى من ذوي الحالات الحرجة كالأورام وأمراض القلب في دوامة لا نهاية لها.

ومن الآن وحتى تنجز تلك المستشفيات البديلة التي استهدفتها ميزانية هذا العام، فإن رجاء وآمال آلاف المرضى الذين أغلق المستشفى أبوابه مضطرا في وجوههم تطمح في كرم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في علاج أوضاع هذا المستشفى ودعمه ليستعيد دوره المميز ويواصل رسالته الإنسانية في خدمة هذه الشريحة الكبيرة من المرضى الذين ثقل كربهم وعظم مصابهم، وتقطعت بهم سبل العلاج، فلا هم قبلوا في تخصصي الرياض، ولا احتفظوا بحقهم في العلاج في تخصصي جدة.

وثقتي كبيرة في أن يأتي الفرج عاجلا وسريعا فيحظى هذا المستشفى المفخرة بجزء مما حظي به توأمه في الرياض، فمن غير اللائق والمقبول والمعقول أن يتحول هذا الصرح الطبي من ملاذ لأصحاب الأمراض المستعصية إلى مشفى للأثرياء القادرين على الدفع فقط.. ثقتي كبيرة في أن يجد هذا الأمر نظرة حانية متفهمة، فالمرضى في حيرة، ومعاناة الألم لا تحتمل المزيد من الانتظار.

[email protected]