«قيم معرضة للانقراض».. سورية وكوريا وكوبا

TT

طلب جيمي كارتر، وفقاً للأصول، أن يسمح له بالقيام بزيارة إلى سورية مع زوجته روزالين. وفعل ذلك، كما يقتضي القانون، قبل شهرين من موعد الزيارة. لكن مستشار جورج بوش للأمن القومي اتصل به هاتفياً وابلغه أن الزيارة غير ممكنة، لأن العلاقات متدهورة. ويعرب الرئيس السابق عن أسفه لذلك. فهو يعتقد أن إقامة علاقة حسنة مع سورية، وحتى مع كوريا الشمالية وكوبا، أمر ممكن وبسيط. وكان قد زار الدول الثلاث في مراحل مختلفة، وأجرى محادثات مع زعمائها. ويعجب لأن دولة في حجم أميركا جعلت من دولة في حجم كوبا عدواً لها حتى بعد سقوط الاتحاد السوفياتي. فما هي كوبا الآن سوى دولة صغيرة تقع قبالة ساحل فلوريدا؟ أليس من الأفضل فتح الحدود أمام الكوبيين وعودة الأميركيين إلى الجزيرة التي كانوا يملأونها سياحاً ومستثمرين؟

ثم هل يبرر إرهاب 11 سبتمبر كل تلك الإجراءات التي اتخذتها الإدارة الأميركية؟ إن حكومة بوش قد خلطت في عملها محاربة الإرهاب بالاعتداء على حقوق الإنسان والحريات العامة. ويقول كارتر إنها طردت الكثير من العرب والمسلمين بغير وجه حق. وذهبت إلى ابعد من ذلك عندما أقامت سجن غوانتانامو دون محاكمات واعتقلت المئات بصورة تعسفية. وشملت الاعتقالات في العراق صبية لا تتعدى أعمارهم الثانية عشرة: «لقد تقبَّل الكثيرون من مواطنينا هذه السياسات غير المسبوقة بسبب الخوف من الهجمات الإرهابية، لكن ذلك ألحق ضرراً هائلاً بسمعة أميركا. وبعدما كانت في مقدمة المدافعين عن حقوق الإنسان أصبحت في مقدمة المستهدفين من اللجان الدولية التي تحقق فيها». يعدد كارتر ما تسمح به القوانين الطارئة من اعتداء على الحريات العامة، ويقول ان بوش طلب تحويلها الى قوانين دائمة، إلا أن حتى غلاة المحافظين رفضوا ذلك. ويروي كارتر حكاية الجنرال العراقي عبد حامد موحوش الذي سلم نفسه إلى المسؤولين الأميركيين في بغداد طوعاً، في محاولة للعثور على أبنائه، فكان ان اعتقل وعذب وحشي في كيس منامة اخضر، حيث مات قهراً واختناقاً في 26 نوفمبر 2003. وقامت أميركا، حسب كارتر، بإرسال بعض المعتقلين إلى عدد من الدول التي يسمح فيها انتزاع الاعترافات بالتعذيب، مع أن المسؤولين ينفون ذلك. تقدم السناتور الجمهوري جون ماكين، مع عدد من رفاقه، بمشروع قرار إلى الكونغرس يدعو إلى منع القوات الأميركية من القيام بأي أعمال «وحشية أو غير إنسانية تجاه المعتقلين» لكن نائب الرئيس ديك تشيني سعى إلى إسقاط المشروع: «إنها لمأساة محرجة أن نشهد هذا الخروج على تقاليد قيادتنا التاريخية كمدافع عن حقوق الإنسان. إن في إمكان الشعب الاميركي وحده أن يعيد توجيه حكومتنا نحو الالتزامات القانونية والسياسية والروحية التي كانت جوهر مبادئنا الأخلاقية».