شهيد الفول

TT

قرأت خلال زيارتي للسودان خلاصة تقرير علمي يفيد بأن الفول (وهو نوع من الباقلاء ويعتبر أكلة شعبية رئيسية على امتداد حوض النيل) يحتوي على مادة منومة تسبب النوم، وبالتالي الجنوح للكسل.

وفي السودان مدينة كبيرة سميت كسلا. ولهذا يميل الناس للاكثار من أكل الفول كلما أرادوا النوم نوما عميقا. وقد قرأت قبل سنوات عن رجل في مصر أوغل في أكل الفول ثم آوى الى غرفته الصغيرة وأغلق الباب والشباك واستغرق في النوم. والمعروف عن الفول انه لا يؤدي للنوم فقط وانما يسبب كثيرا من الغازات في البطن، وهي تحتوي على نسبة عالية من الغاز السام كبريتيد الكاربون. روى الجيران للشرطة انهم سمعوا من غرفته اصواتا متكررة اشبه بصوت تمزيق القماش. وعندما فتحوا الباب عند المساء وجدوا ان الرجل قد فارق الحياة. مات شهيدا للفول وكبريتيد الكاربون.

ولهذا فمن الضروري لمن يكثر من أكل الفول ان يترك نوافذ الغرفة مفتوحة، وان يكتب تحذيرا في هذا الخصوص على علب الفول.

العراقيون ايضا يحبون أكل الفول الذي يسمونه بالباقلاء ولكن بنسبة أقل من اخوانهم في حوض النيل. لا يعتقدون بأنه يسبب النوم ولكنهم يرون انه يورث الغباء والبلادة. رووا فقالوا ان عالما من علماء الحلة الذين يحب أهلها أكل الباقلاء نشر كتابا في غاية الروعة. قرأه عالم آخر في النجف فأعجب به اعجابا شديدا فارسل برقية الى العالم الحلاوي من كلمة واحدة تقول «عجبت!» بعد بضعة أيام تسلم جوابا مقتضبا يقول: «قط ورب الكعبة» سألوه ما سر ذلك؟ ما معنى هاتين البرقيتين؟ فقال كتبت له عجبت اقصد ان يصدر مثل هذا الكتاب الجليل من أهل الحلة الذين يأكلون الباقلاء. وأجابني المؤلف العالم بعبارة قط ورب الكعبة، يقصد انه قط ورب الكعبة لم يذق الباقلاء في حياته. ولهذا ذكروا في تاريخ العراق الحديث ان أحد الحكام في بغداد فكر في الأمر واصدر قرارا بمنع العراقيين من زراعة الباقلاء.

ولكن أهل العراق طبعا لم يمتثلوا كعادتهم بأمر ذلك الحاكم ولا أي حاكم فواصلوا زراعة الباقلاء وأكل الباقلاء. وهو الأمر الوحيد الذي يفسر لي ـ وانا لست ممن يأكلون الباقلاء قط ورب الكعبة ـ نتائج كل الانتخابات التي جرت في الأشهر الأخيرة.

يحملني كل هذا الكلام الى أمرين: الأول بالنسبة لاخواننا في مصر والسودان واريتريا، وهو ان يصدروا أمرا بمنع العساكر من أكل الفول لمدة اسبوع كامل قبل الدخول في أي حرب مصيرية أو غير مصيرية ومنع بيع الفول في البلاد طوال ايام الحرب.

الثاني: بالنسبة لاخواني في العراق وهو ان يدخلوا تعديلا على الدستور ينص على منع بيع الباقلاء أو طبخها أو أكلها لمدة ثلاثة أشهر قبل اجراء اي انتخابات نيابية أو استفتاء شعبي وبطلان أي انتخابات أو استفتاء يجري في موسم نضوج الباقلاء. وبذلك فقط يمكن ان نضمن تطور الديمقراطية في العراق تطورا خاليا من اي تزوير أو فساد.