(صوت أميركا) المبحوح!!

TT

لعلكم قد قرأتم مؤخرا عن الاجراء الاميركي المثير للسخرية، فقد قدم المسؤولون الاميركيون خطة لدخول الحرب المستعرة في الشرق الأوسط دفاعا عن نفسها وعن اسرائيل، طبعا الحرب اعلامية واداة القتال فيها هذه المرة (صوت اميركا) والباعث على (التورط) في الحرب كما يقول مسؤولون اميركيون تبرمهم وضيقهم من وجود برامج اعلامية اذاعية ومتلفزة في الشرق الاوسط تعج بالكراهية ضد اسرائيل واميركا «يعني وجهان قبيحان لعملة واحدة!!». وقد اعتبروا هذه البرامج بمثابة (اعلان حرب) اعلامية وانه قد آن الاوان لاميركا من خلال «صوت اميركا» المبحوح ان تخوض غمار هذه الحرب الاعلامية بزيادة بث ساعاتها الموجهة الى العالم العربي من سبع ساعات الى اربع وعشرين ساعة، مستهدفة الشباب ممن هم دون سن الثلاثين، واما الذي يثير القرف في هذه الاجراءات الاميركية فهو اعلانها الحرب على جبهة اخرى، جبهة اللغة العربية لاحلال اللهجات العربية الدارجة محل الفصحى في البرامج ونشرات الاخبار. يعني «مبغوضة وجابت بنت» كما يقول المثل الفلسطيني الدارج.

لقد حيرت اميركا العقلاء، ففي الوقت الذي انبهر الناس فيه بالعظمة الاميركية باقتصادها المتين وتقنيتها المتفوقة وترسانتها العسكرية الرهيبة، تجدهم يصابون بالاحباط الشديد تجاه الطريقة البليدة التي تتعامل بها اميركا مع شعوب المنطقة، مثل هذا التبسيط الابله لتعاملها مع العرب من خلال زيادة البث لمحطة اذاعية فاشلة، فمتى تدرك اميركا ان العرب يكرهونها ليس حسدا من عند انفسهم على حيازتها آخر ما تفتقت عنه التقنية، ولا لأنها لا تزال تحافظ على نسيج من الوحدة قل ان يوجد لها مثيل، ولا لأنها تريد ان ترعى مصالحها في العالم، اذ ان دولا عظمى اخرى ولها نفس التميز والطموحات والتطلعات والمصالح مثل الصين واليابان لا يحمل العرب تجاهها من الكراهية ما يحملونه تجاه اميركا.

منبع الكراهية يكمن في علاقتها الغرامية مع اسرائيل، وهذه العلاقة «مساحقة» سياسية أثارت غضب العرب ونخوتهم البسوسية، لقد نكأت اميركا بتحيزها الاعمى لاسرائيل جرحا غائرا في فلسطين فأثارت غيرتهم الاسلامية وحركت صحوتهم القومية، فمن البلاهة ان تظن اميركا ان العطار «صوت اميركا» سيصلح ما افسده دهر السياسة الاميركية.

الصور المأساوية لشعبنا المجاهد في فلسطين ـ والتي تنقلها وسائل الاعلام المستقلة بحمد الله عن اميركا سواء كانت عربية او اجنبية ـ كفيل بهدم ما ستبنيه «صوت اميركا» وان بثت اربعا وعشرين ساعة وان «نبحت» بكل اللهجات المحلية، ما الذي ستفعله «صوت اميركا» تجاه صور مرعبة كتلك التي بثتها «رويترز» قبل ايام لصبي فلسطيني وقد تبول على ملابسه الطاهرة من فرط الفزع وشدة الهلع بسبب كلاب صهيونية ترتدي ملابس عسكرية وقد تحلقوا حوله.. كلب يجذبه وكلب يركله وكلب يبصق عليه؟ والعرب يا «صوت العرب» يعلمون ان عقب البندقية التي ركلوا بها هذا الصبي قد جاءت مددا من اميركا ورواتب هذه الكلاب الصهيونية المسعورة قد ضختها الميزانية الاميركية، والجرأة التي تتسم بها الاجراءات الاسرائيلية من قمع وحصار واغتيال لقادة الانتفاضة الجهادية ما كان لها ان تكون لولا المباركة الاميركية او على الاقل السكوت الاميركي.

«صوت اميركا» نفخة اميركية فاشلة في قربة اعلامية مشقوقة، وان ظنت اميركا انها باذاعتها الباهتة ستزيل التراكم الهائل لكراهية شعوب المنطقة وحنقهم المحتقن بسبب انحيازها السافر مع اسرائيل فهي واهمة، وكان حريا بمن قدم الخطة المقترحة لتطوير «صوت اميركا» ان يوفر الجهد والوقت والمال ويراجع من الجذور السياسة الاميركية الجائرة.