مصائب قوم عند قوم فوائد

TT

الشيء الذي غاب عن ملاحظة شتى المراقبين والمعلقين على شؤون العراق، هو تهالك الأولاد والشباب على التعلم، يتحدون الرصاص والقنابل ويواصلون سيرهم إلى مدارسهم وكلياتهم ويصلون النهار بالليل في الدرس وأداء واجباتهم المدرسية. حدثني أحد الاصدقاء أنه لم ير العراقيين يحرصون على العلم كما يراهم الآن، وكلما تعاظم شأن الإسلاميين في السلطة، تعاظم حرص الشباب على تعلم اللغة الإنجليزية والعلوم الحديثة.

ما السر؟.. السر هو أن شباب العراق لا يصبون لشيء كما يصبون الآن لهجرة بلدهم والنزوح للغرب، ولبلوغ ذلك يحتاجون للإنجليزية والعلوم، شأنهم في ذلك شأن الفلسطينيين الذين حوّلتهم النكبة إلى أثقف شعب عربي مدجج بأكبر نسبة من الشهادات العالية. يتشاءم الكثيرون من نجاح الإسلاميين في الانتخابات، لا داعي لهذا التشاؤم مطلقاً.. فنجاحهم سيضمن تحويل العراقيين إلى أحرص شعب عربي على تعلم التكنولوجيا والفزيولوجيا والبايولوجيا والجيولوجيا وقراءة كل ما كتبه داروين وفرويد وانشتاين وسواهم, وكل ذلك استعداداً للهجرة للغرب والحياة الغربية.

وهذه نصيحتي لكل المسلمين والقائمين بوضع المناهج الدراسية الجديدة:

أولا احذفوا العراق من دروس الجغرافيا، فالعراق لن يكون البلد الذي يعيشون فيه بعد تخرجهم. على الأولاد أن يحفظوا جغرافية بريطانيا وهولندا والسويد والدول المفتوحة للاجئين. كم شعرت بالأسى والشفقة نحو زملائي من اللاجئين العراقيين في بريطانيا الذين يعرفون أين تقع ديلتاوه والمسيب ومشفاته ولا يعرفون كيف يذهبون إلى مانشيستر وبرمنغهام. ينبغي تنقيح دروس الجغرافيا بما يتناسب مع حاجات الناس، وإلا فما فائدة المدارس؟.. أقول نفس الشيء بالنسبة لدروس التاريخ.

بالطبع لن تلتفت وزارة التربية إلى ما أقول وستواصل تدريس الأولاد ما لا ينفعهم، وتبقى المسؤولية على الآباء، يحرص الآباء في كل العالم على تعليم أولادهم العلوم والفنون والموسيقى. في العراق واجب الآباء ينحصر في تعليم أولادهم على فنون الهجرة وكيفية الحصول على باسبورتات اجنبية مزورة وادراج اسمائهم في قوائم الصليب الاحمر للمشردين. يجب أن نتعلم من نيجيريا حيث توجد معاهد لتعليم المواطنين فن الهجرة ودخول الدول الغربية والحصول على لجوء فيها واستغلال قوانين الضمان الاجتماعي فيها.

هناك واجب ايضا على الحكومات العراقية، وهو ان تطالب أميركا واوروبا بتغطية ميزانية التعليم في العراق. فليس من الإنصاف ان تنفق عوائد النفط على تعليم أناس يكرسون حياتهم لخدمة الدول الغربية حالما ينتهي العراق من تعليمهم. في مقابل ذلك، تتعهد وزارة التربية والتعليم العالي باستشارة الغرب في ما يحتاجون إليه من اختصاصات ومواد جديدة لتتولى الوزارة برمجتها في المناهج وإعداد العراقيين للقيام بها حالما يحصلون على جوازات السفر الاجنبية المزورة!

وبذلك وبدون اي شك، سيتحول العراق الى مصدر للإشعاع الحضاري في سائر ارجاء دنيا اللجوء العالمي!