جاك الموت يا تارك الصلاة

TT

استيقظت في الصباح على ألم في حلقي ورشح، وكنت قد مازحت القراء قبل أشهر، بأني شككت في أني مصابة بأعراض انفلونزا الطيور، لكنني الآن بعد أن أعلن التلفزيون السعودي، أن ليس دجاجنا من سقط صريعا بفيروس «اتش 5 إن1» بل صقورنا، سأكف عن المزاح خاصة أن أمي كانت تهددنا، ونحن صغار حين نؤجل عمل اليوم إلى الغد، بأن تنقضّ بأصبعها في وجوهنا قائلة: «جاك الموت يا تارك الصلاة»، في إشارة إلى انقطاع أملك، بسبب عدم استعدادك المسبق لآخرتك بالصلاة.

إعلان وصول الفايروس لصقورنا، والذي استعد له الجميع بجيوش من التجهيزات، والتعبئة بميزانيات بلغت مليارات الدولارات، وكشف دوري على مزارع الدجاج، والتحذير وطلب التبليغ عن حالات وفيات الطيور للكشف عن سبب موتها.

رصد الفايروس فاجأنا نحن، لأننا عادة قوم يحبون أن يصنعوا مفاجأتهم على طريقتهم، فنحن مثلا: نعرف أن رمضان يأتي كل عام بعد شهر شعبان، لكننا كل مرة نسمع فيها إعلان التلفزيون السعودي عن دخول شهر رمضان، نشهق قائلين: يوه جا رمضان! ونركض نشتري أغراض رمضان وسط موج هادر من الناس، ليرفع التجار أسعارهم كما يشاؤون.

فيروس انفلونزا الطيور قد وصل بقعتنا، التي هي جزء من هذا العالم الواحد، الذي يفتح موانئه وفضاءاته مستقبلا ما هو مفيد، وما هو غير مفيد، بل إن قدوم وفود الحجيج من كل صوب وحدب، هو موسم يتوقع فيه المرء أن ترفع الحكومة كافة احتياطاتها للوقاية من أنواع الأوبئة التي تتسلل عادة عبر وفود الحجيج، الذين يقدمون إلى مكة والمدينة لأداء فريضة الحج، حاملين معهم ما يمكن أن ينتقل بالعدوى إلينا، ومنها يمكن أن يكون اليوم فيروس أنفلونزا الطيور، الذي يوصف حتى اليوم طبيا بأنه وباء قاتل، لم يكشف بعد عن مصل واق أو شاف له.

الخبر الذي أذاعه التلفزيون السعودي يقول إن المختبرات المحلية لم تكشف سوى عن إيجابية الفايروس، وأنها اضطرت لإرسال العينات لمعامل خارجية، لتتأكد من نوع ثان من الفايروس، لا تستطيع مختبراتنا كشفه.

الجزء الآخر في دور الصحة، يتمثل في ماهي الإجراءات المتبعة عادة، حين تكتشف أول حالة إصابة لأنفلونزا الطيور بين الصقور، في مسألة نشر الوعي بين المواطنين لتجنب الإصابة به، هل يعرف الناس ما هي الاحتياطات المتبعة؟!

قريبتي حين أخبرتها أنها يجب أن تتوقف عن شراء الدجاج منذ يوم سماعي خبر انفلونزا الطيور شهقت مستغربة: لماذا؟! ما سمعته كان فقط أن الإصابة لحقت بالصقور فقط، وهذا يعني أن نكف عن شراء الصقور وليس الدجاج؟! قلت لها صحيح أن اللي ما يعرف الصقر يشويه!

أما قريبي الآخر، فقد وجد أن تغير العنوان في حالة أصابتنا الأنفلونزية من أنفولنزا الطيور إلى أنفلونزا الصقور، له دلالة فخرية، تشير إلى أننا قوم الصقور. فقلت له: دع عنك التفاحر وقم استعد، فهنا في هذه المسألة ليس هناك فرق بين الدجاج والصقور، لأن الموت واحد «وجاك الموت يا تارك الصلاة!».

[email protected]