جرائم اغتيال وقتل وتفخيخ.. بالقلم والكلمات

TT

إذا كان الجميع قد اتفقوا على رفض وإدانة القمع والإرهاب، فإن الإدانة يجب أن تتم على المستويات كافة، وإن أبشع أنواع الإرهاب هو ذلك الذي يستند إلى قوة السلطة، التي تكون أجهزة الدولة بإمكانياتها الضخمة تحت يدها مجرد أداة طيعة، تتحرك من فورها بلا عقل كالوحش الآلي المبرمج على السحق ببرود، منفذاً الأوامر الشاذة لمن بيدهم ضغط أزراره أو إدارة مفاتيحه.

وإن كنا نعرف أن إرهاب الدول درجات: فمنها من تكتفي بالسجن والتعذيب ومنها من لا يشبع بأقل من أكل لحم مواطنيه أحياء حتى ينطبق المثل: «من يرى الموت يفرح بالسخونة»، أي من يرى الإبادة والتصفيات الجسدية يحمد الله على الاعتقالات والسجن فقط، إلا أن إرهاب الدولة يظل إرهاباً مركباً أكثر جوراً وتعقيداً، ذلك لأن الدولة ـ وهي الملجأ الذي يلوذ به المواطن لحفظ حقوقه ـ تصبح بالعة لأبسط الحقوق الإنسانية لمواطنيها، تصبح نافية لحق أن يعيش المواطن أمناً مطمئناً محفوظ الحرمات تحت ظل قانون، يعرف المواطن أنه بقدر ما يحميه يحمي البلاد منه، وفق قواعد وأصول مرعية. وحين تعصف الدولة، المفترض أنها الأعقل والأرصن والمالكة لغضبها لأنها مجموع العقل القيادي، حين تعصف بأمن مواطنيها وتسلط عليهم وحوشها الآلية وفق أهواء وغضبات مسؤولين كبار، من المحليين أو «العولميين»، فيجب أن نعرف أن هناك من المواطنين من يشبهون، في أهوائهم وغضباتهم وانفعالاتهم، هؤلاء المسؤولين.

وإذا كان إطلاق الأعيرة النارية غيلة على السائرين في الطرقات جريمة نكراء تستحق العقوبة القاسية، فإن اطلاق الأعيرة النارية والكلاب المتوحشة لتعذيب أو قتل المعتقلين، الأسرى العزل الأمانة في عنق الدولة، جريمة مماثلة، إن لم تكن أكبر، وهي تستحق أيضاً العقوبة القاسية.

إن ممارسة التعذيب على المعتقلين هي شروع في قتل، والقاعدة الاسلامية تقول: «لا حد على معترف بعد ابتلاء» أي لا عقوبة على من يعترف تحت وطأة التعذيب، ناهيك عن هؤلاء الآلاف خلف الأسوار منذ سنوات من دون تهمة أو قضية أو أحكام قضائية، فقط انهم ضحايا فلسفة: «الضربة الأمنية الاستباقية»، التي تعني: «أنا أسجنك على شأن يمكن تقل أدبك!»، والقتل بالمناسبة، لا يعني فقط القتل بالرصاص، فهناك جرائم قتل واغتيال وتفخيخ بالقلم والكلمات، وهذه الجرائم يمارسها بعض كتابنا «المحترمين» بلا روية ولا رحمة. هناك من الكتاب العلمانيين من يحرض صراحة على كتاب اسلاميين، فوابل رصاص الكلمات انهمر وينهمر على التيار الاسلامي كلما أراد أن يقول: إني هنا في شارع الناس ولي ثقلي وعندي للوطن أحلام ورؤية ووجهة نظر. هناك بين العلمانيين كتاب: «قتلة بالنوايا»، يمارسون الإرهاب بالكلمة ويستعدون السلطات على تيار في الأمة راسخ، ويسدون النصيحة، للمسؤولين المحليين و«العولميين»، أن أبطشوا، واجهضوا، ولاحقوا، وأقلقوا المضاجع ولا تتوانوا.

ان كلمة «الإرهاب» كلمة مطاطة، ألقاها الأعداء كرة مسمومة على المسلمين، ليشوهوا الجهاد في فلسطين أولاً، وسائر بقاع الأرض التي تحاول فيها الأغلبية المسلمة الإفلات من ذيل التبعية، ليستعيدوا للإسلام موقعه وثقله الإنساني والسياسي على مائدة المجتمع الدولي.

أيوه أيوه، نعم: احكوا لنا عما حدث والشريعة الإسلامية تحكم، على مدار الزمن الإسلامي، وقولوا عمن قتل وعمن ظلم، لكن لا تنسوا، حضراتكم، الذي حدث عندما لم تحكم!