مع مي: من برلين إلى بيروت

TT

التقت مجموعة من الاحزاب اللبنانية بعد شهر من اغتيال الرئيس رفيق الحريري تحت مظلة واحدة سميت 14 آذار (مارس)، يومها نزلت الى وسط بيروت احزاب وجماعات لم تكن تقبل حتى التصافح من قبل. ورفع اكثر من مليون شخص صور بشير الجميل وسمير جعجع الى جانب صور رفيق الحريري والمفتي الراحل حسن خالد والزعيم الاشتراكي كمال جنبلاط. وباستثناء مؤيدي الرئيس الحريري كان متظاهرو 14 اذار من متذابحي الحرب اللبنانية ومتقاتليها.

الآن هناك خلافات واضحة بين بعض هذه القوى. ومؤيدو الجنرال ميشال عون خرجوا من 14 آذار التي تدعو الى خروج سورية، الى «مجموعة 8 آذار» التي خرجت ترفع يافطات «الوفاء لسورية».

ماذا حدث؟ لا شيء. لم يحدث شيء. لقد دخل الاميركيون والسوفيات بعد نهاية الحرب العالمية الثانية الى برلين للاجهاز على بقايا النازية المنهزمة. هللوا معا ثم عقدوا قمتين اخويتين، في طهران وفي بوتسدام. وقبل ان يجف حبر التواقيع التاريخية الكبرى: روزفلت. ستالين. تشرشل. بدأ شيء اسمه الحرب الباردة. واستدار الاميركيون وحلفاؤهم لكي ينقضوا على السوفيات وحلفائهم.

هذه هي السياسة، وتلك هي الطبيعة البشرية التي لن تتغير. لا وليد جنبلاط تشرشل ولا ميشال عون ديغول ولا حرب لبنان حربا عالمية. ولكن السياسة عمل بلا قواعد وبلا اعراف وبلا اي ميزة اخرى. لذلك يتكرر مشهد الالتقاء والافتراق في كل عصر وفي كل امتحان وعلى جميع المستويات. ويشعر الاخلاقيون والمثاليون بالخيبة الكبرى والالم، لأنهم يعيشون في عالم لا ينتمون اليه، ويرفضون القبول بحقيقته.

عندما كنت أظهر على شاشة ال. بي. سي في ضيافة مي شدياق، كنت اتشاجر معها امام الكاميرا وخلفها. وكان موضوع الاختلاف دائما، «القوات اللبنانية» والجنرال ميشال عون. هي في غاية الحماس لهما، وانا رجل ارفض القتال الاهلي بصرف النظر عن هوية المقاتلين وشعاراتهم ودعاويهم. واخر مرة كان خلافي مع مي امام الكاميرا حول ميشال عون، هي تدافع عن العسكريين وانا اقول اللهم هبنا من لدنك الحكم المدني. وفي هذه الايام الاخيرة رشحت مي شدياق نفسها لمقعد نيابي في بعبدا. وألد خصومها واكبرهم الجنرال ميشال عون. وانا مع مي. ومع المدنيين. وبسطاء هذا العالم، حتى لو قطعت الجريمة السياسية اوصالهم.