كارل واكسون وصندوق أبوظبي

TT

آخر يوم في يناير 2006، كان آخر يوم للمستر آلان غرينسبان في حاكمية المصرف المركزي الاميركي بعد 18 عاما. شخصيا، كنت افكر، بكل جدية وما اعطيت من موضوعية، بكارل ماركس الذي باع طقما من الملاعق لكي يستطيع الصمود في صقيع لندن ومجاعة الرفاق الشيوعيين وغيرهم من فقراء العالم. فهذا الكوكب، الذي حاول الرفيق كارل تهذيبه قليلا، لم يبق من ذكريات الحرب بين اليمين واليسار اي شيء. او بين الرأسمالية والاشتراكية. وقد خجلت شركة «اكسون موبيل» قبل يومين من اعلان ارباحها الحقيقية.

لماذا؟ لأن الارقام، في هذا القرن، فقدت تماما محتواها. لم يعد الرقم، مهما اضفت اليه من اصفار، يعني حقيقة ما. مثلا، صندوق استثمار ابوظبي يراوح حجمه بين 350 و500 مليار دولار. قبل نحو 35 عاما كان الحاكم، الشيخ شخبوط، يرفض التعامل مع البنوك. تصور اين يمكن ان تخزن اليوم، 300 الى 500 مليار دولار. وملامح العالم تتغير هي ايضا: اغنى ثلاثة في بريطانيا، هنود. واوروبا ضجت ضجيجا مثل اسواق مومباي، طوال الاسبوع الماضي، لان المستر لاكشمي ميتال، ثالث اغنياء العالم عن 25 مليار دولار، يريد شراء شركة ارسيلور الفرنسية للفولاذ، لكي يحتكر السوق. هندي يتسوق في بلاد اللوفر، من اجل ان يصبح رجل الفولاذ على وجه، او سطح هذا الكوكب. اختر التشبيه الذي تشاء.

الاغنياء الجدد قادمون من آسيا. سمر من الهند وصفر من الصين وحنطيون من الجزيرة العربية. المرتبة الاولى في العالم، اي الكوكب الذي نحن في صدده، لصناديق الاستثمار السعودية. الراجحي، الذي بدأ صرافا صغيرا، يعلن ارباحا تفتح افواه البورصات في العالم. العبار والحبتور وقرقاش، رجال من الامارات لا تتجاوز اعمارهم الاربعين، لكن ثرواتهم تتجاوز اي مخيلة ينتمي صاحبها الى افكار القرن العشرين. بما في ذلك اواخره.

ألغى العالم الصناعي والتجاري من قاموسه «القروش» والنحاسيات، الا للسلوى وتذكرة الباصات. واعتقد ان الوحدات النقدية سوف تتغير ذات يوم. وسوف يبلغ حجم المكافآت التي توزعها شركات بريطانيا المالية على «الناجحين» هذا العام 7 مليارات دولار. وفقط من اجل السلوى، وليس المقارنة، اكرر اننا عندما جئنا الى لندن العام 1978، كان عمال المناجم يطالبون بزيادة على اجورهم البالغة 28 جنيها في الاسبوع. قبل الضريبة.