البلوغرز العرب..جماعات وليس أفرادا

TT

لا يزال الراغب في الاطلاع على مدونات عربية أو ما يعرف بالـ Blog العربي على شبكة الإنترنت يواجه خيارات محدودة. فالباحث في محرك «غوغل» مثلاً لكلمة «بلوغ عربي» بالانجليزية لن يجد الكثير من الخيارات، أما البحث عن الكلمة نفسها باللغة العربية فالنتيجة لا تزال محبطة بالتأكيد وإن كانت أفضل مما كانت عليه قبل أشهر مثلاً. وهنا لن أجادل كثيراً في عدد هذه المواقع لكن الحقيقة الظاهرة هي أن عدد البلوغرز العرب لا يزال ضعيفاً مقارنة بحجم ومدى انتشار هذه الظاهرة في العالم، أما من يكتب منهم بالانجليزية هم في الأغلب من العرب المقيمين في الخارج لذلك يبدو أن عددهم أكبر من كاتبي المدونات باللغة العربية من المقيمين في المنطقة.

يتميز البلوغرز غالباً بنزعة انتقادية وبرؤية خاصة للأحداث التي يدونونها ويهتمون بعرضها على مواقعهم عبر شبكة الإنترنت، هم أيضاً جيدو التعليم ومنفتحون ونقديون غالباً لحكوماتهم ولمجتمعاتهم عدا عن تمتعهم بروح دعابة من خلال إطلاقهم تسميات طريفة وساخرة على مواقعهم وعلى أنفسهم..

هذه المواصفات هي غالباً مواصفات أفراد بمعنى أنه من يقرر أن ينشأ موقع بلوغ فهو في صدد انشاء مشروع خاص وفردي النزعة ويستطيع من خلال مدوناته فيه أن يعرض أحداثاً تهمه من وجهة نظره، كما يمكنه أن يسهب في الحديث عن طموحاته وأحلامه وتفسيره الشخصي لليوميات التي يعيشها، إنه باختصار خيار فردي بامتياز وهذا هو سر انتشاره في الغرب، كما إنه أيضاً سر عدم انتشاره في الدول العربية بشكل واسع.

فنحن لا نزال نميل إلى الانخراط في جماعات أكثر من تبني خيارات خاصة وفردية تحمل تمرداً أو خروجاً عن السياق التقليدي والعام، لذلك نرى انتشاراً للمواقع «الجهادية» والمواقع الدينية بشكل عام والتي تخشى من انتشار قناعات وأفكار تخالف معتقداتها لذلك تحتمي في إطار عام تستمد قوتها ومناعتها من رفضه لتلك الآراء المتسللة من هنا وهناك. أما البلوغرز فهم يدركون أنهم يملكون آراء خاصة وأن آراءهم قد تلاقي الكثير من الانتقاد وعدم القبول، لذلك فإنه من النادر أن نجد بلوغر عربياً جهادياً من دون أن يعني ذلك أن البلوغرز العرب لا ينتقدون السياسة الأميركية في الشرق الأوسط أو أنهم غير مبالين بمآسي العراقيين والفلسطينيين.

لاشك أن ظاهرة البلوغرز العرب بدأت في لفت الانظار وإن بشكل محدود حتى الآن، وتعتبر إيران وتونس والبحرين من أكثر الدول في المنطقة تصدياً لهذه الظاهرة ولا ننسى أن بعض الدول قد اعتقلت أشخاصا بتهمة تدوين آرائهم الخاصة على مواقعهم.

رغم بعض حالات السجن والاعتقال بحق بعض البلوغرز العرب إلا أن السلطات لن يمكنها وقف تزايد المدونات العربية، وعلى الحكومات أن تتهيأ لمصدر جديد للمعلومة وللنقد أيضاً. وإن كانت هذه الظاهرة ليست جزءاً من الإعلام العربي بعد لكنها ستصبح سريعاً كذلك.

diana@ asharqalawsat.com