الأحذية: خلاخيل الرجال؟!

TT

نظرتنا لأنفسنا ضيقة، قليلون ينظرون إلينا نظرة واسعة شاملة، فالحلاق ينظر إلى قفاك، والترزي ينظر إلى ملابسك وطبيب الأسنان وطبيب العيون، والجزمجي يعرف من أنت إذا نظر إلى حذائك، فهي مقياس لمقدرتك المالية ولذوقك ومدى انسجامها مع بقية ملابسك، الجورب والبدلة والكرافتة.

وكان الأديب الانجليزي هـ.ج. ولز في شبابه يعمل في أحد المحلات تحت الأرض، وله نافذة تطل على الشارع، على أحذية المارة، وكان يعرف فئات الناس من النظر إلى الأحذية الغليظة والرفيعة واللامعة وأنواع الجلود، وكان يرى أحذية قديمة نظيفة، ويحلل ويحكم على الناس، ويرى أحذية جديدة عليها تراب أو طين، ويحلل ويطلق أحكاماً على أصحابها. وإذا رخصت الأحذية، كان ذلك دليلاً على وفرة الجلود المستوردة من استراليا، فإذا مرضت الأغنام والأبقار ارتفعت أسعار الأحذية.

وكان ولز يقول: أنا أتفق مع المرأة في نظرتها إلى الرجل فهي تنظر إلى حذائه وإلى أظافره، ولذلك فالرجال الذئاب حريصون على لمعان الحذاء والأظافر، لأنهم يريدون أن يكسبوا موقعاً عند المرأة.

ولكن في الصين يرون أن للحذاء ميزة أخرى.. الحذاء الصغير يدل على أن القدم صغيرة، وهذا من معالم الجمال في المرأة، ولذلك يضعون في قدمها حذاء جافاً وأحياناً من الحديد حتى لا تكبر قدمها ـ مثل الرجال.

وكنت أرى أحذية الأستاذ العقاد قد ملأت أرضية الغرفة، وكلها أكبر من قدميه ويقول: إنه يريد راحة لقدميه، وليس سجناً لهما، والحذاء الضيق وجع في القدم والساق وصداع للرأس!

وفي مدينة هافانا بكوبا زرت بيت الأديب الأميركي همنجواي، والذي لفتني كثرة الأحذية على الأرض وكثرة الأقلام على المكتب، مئات الأقلام وعشرات الأحذية، وكانت هذه الأقلام رصاصاً يطلقه على الأفكار الشاردة والواردة فإذا هي تسقط على الورق. والإمام علي بن أبي طالب له حكمة بليغة تقول: استجيدوا النعال فإنها خلاخيل الرجال.

وله حكمة أخرى تقول: تمام جمال المرأة في خفها، وتمام جمال الرجال في كمته ـ أي عمامته!

ولكن العاشق لا يرى شيئاً من كل ذلك، حتى قال أحد العاشقين: انها إذا وضعت نعلها في مجلس القوم تضوع عطراً ـ تصور!