عزلة متزايدة

TT

قرار باكستان منع بعض كبار قادة طالبان من دخول البلاد لحضور احد المؤتمرات، فاجأ معظم المراقبين لسياسات هذا الاقليم المليئة بالتعقيدات. والحقيقة ان باكستان لم تفعل اكثر من تطبيق عقوبات فرضتها الامم المتحدة على حكومة طالبان. فعقوبات الامم المتحدة تشمل حظر السفر على كبار قادة طالبان اذا لم يحصلوا على اذن مسبق من المنظمة الدولية.

ينبغي، اذن، التعامل مع القرار الباكستاني كاشارة الى ان طالبان اغضبت اقرب حلفائها، وفاقمت بالتالي من عزلتها الدبلوماسية. ومن الواضح ان اسلام اباد تدعو طالبان الى مراجعة بعض وجوه سياستها، وهي الاوجه التي قادت افغانستان الى طريق مغلق دبلوماسيا وسياسيا واجتماعيا.

وكانت رسالة شبيهة قد ابلغت الى طالبان خلال زيارة وزير خارجيتها الى منطقة الخليج الاسبوع الماضي. وفحوى الرسالة ان على طالبان تغير من سياستها الخارجية حتى يتم قبولها داخل النظام العالمي، وتزويد افغانستان بالعون الذي تحتاجه لاصلاح اقتصادها المنهار.

وقد جاء دعم باكستان لصعود طالبان كقوة اساسية في السياسة الافغانية، وفي وقت كانت فيه البلاد توشك على التمزق من جراء الصراع المرير على السلطة بين فصائل المجاهدين. وليس ثمة شك في ان طالبان نجحت في فرض درجة من الاستقرار على كثير من اقاليم البلاد، ولكن التوجهات اللاحقة في سياسات طالبان الداخلية والخارجية، لم تلغ النجاحات السابقة فحسب، بل قادت الى نزاعات جديدة. ولذلك اصبح السلام الذي وعدت به طالبان بعيد المنال وتعرض الاقتصاد الافغاني لانهيار مؤسسي.

المأمول ان تستوعب قيادة طالبان جوهر الرسالة التي وجهتها اليها باكستان، كما وجهتها اليها بعض الاقطار التي يمكن كسب صداقتها من قبل الحركة. والرسالة بسيطة على كل حال لا يمكن لجهة واحدة ان تفرض شروطها على المجتمع الانساني. واذا كانت طالبان راغبة في الاعتراف بها حكومة لبلادها، فان عليها ان تعيد النظر في سياساتها الداخلية والخارجية.