بين الحقيقة والشقيقة

TT

في هذه الأيام يكون قد مر عام على اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في جريمة ليس هناك ما هو أبشع منها، ولا يزال يشعر لبنان واللبنانيون نتاجها المؤلم وتوابع زلزالها الهائل. ولو قدر لرفيق الحريري أن يعود من جديد لهاله ما يراه ويذهل منه، أم يا ترى كان يتوقع ما يجري اليوم على الساحة، فاللقاء الذي حدث مؤخرا بين كل من «سماحة» الجنرال ميشال عون الزعيم العسكري لموارنة لبنان اليوم تحت شعار التحرر الوطني و«العماد» السيد حسن نصر الله زعيم «حزب الله» الحركة الشيعية الأكثر تأثيرا في الساحة اللبنانية اليوم, وطبعا كان لقاء كهذا يعتبر ضربا من الخيال العلمي مع عدم اغفال «رمزية» مكان اللقاء نفسه في كنيسة مارميخائيل الواقعة على خط التماس الاخضر الذي كان يقسم العاصمة اللبنانية أيام الحرب الاهلية اللبنانية السابقة سيئة الذكر. ويأتي هذا اللقاء وسط صيحات متزايدة قسمت الساحة اللبنانية والقائمين على القرارات فيها الى فريقين رئيسيين الأول: يطالب «بالحقيقة» وتبعياتها فيما يخص مسلسل الاغتيالات ومحاولات الاغتيالات الذي طال رفيق الحريري وجبران تويني وسمير قصير وجورج الحاوي ومي شدياق وميشال المر ومروان حمادة ومعرفة المسؤول عن ذلك كله والاتيان بهم للمحاكمة والمحاسبة، وفريق آخر: لا هم له سوى التذكير بأهمية الحفاظ على العلاقات المميزة والخاصة جدا مع الدولة الشقيقة سورية. وطبعا الخطابان مختلفان في المضمون والتوجه ولا يجب تقسيم البلد بناء على هذين الاتجاهين فقط، وإن الاتجاه الأول لا ينفي بالضرورة الاتجاه الثاني اذا ما تم التعامل معه بصدق وأمانة وموضوعية وهي كلمات تبقى بندرة الماء في الصحراء الجرداء. المشهد اللبناني المتغير يعنى العرب لأن للبنان قدرة أن يكون شاشته أو واجهته التي يعرض عليها العالم العربي معظم بضاعته الفكرية والسياسية والى فترة قريبة الاقتصادية منها، وبالتالي هناك اهتمام بأن يكون الحل اللبناني المأمول حلا سويا وحلا عادلا. رفيق الحريري برحيله «فضح» الكثير من الشخصيات والأنظمة والمواقف وأثبت هشاشة المشهد السياسي اللبناني الذي لا يزال يبحث عن زعيم «وطني» يجمع عليه أكثرية اللبنانيين بعيدا عن المشاهد والتصريحات الصالحة للاستهلاك الاعلامي والتأثيرات الشعبية , وغيابه ومعركته الأخيرة تؤكد أن الوضع الذي كان يقاد منه كان خطأ فادحا ولا يجب السكوت عنه ولا نسيانه ولا محاولة اعادة صياغته بشكل «مقبول» يلائم الوضع الحالي.

مها تم وضع مساحيق التجميل وتم حقن البوتكس على وجه المرأة القبيحة ستظل قبيحة وهذا هو ترجمة حقيقية لبعض المشاهد السياسية الغريبة على الساحة اللبنانية ويظل الترحم قائماً على أبو بهاء.