وجاء دور الروس

TT

لابد من محلل سياسي لإعادة الوضع الفلسطيني الدولي الى ما كان عليه قبل الانتخابات، ومن اجل دمج حماس الحكومة في المشروع الفلسطيني الرسمي الذي بلغ مرحلة مهمة بانسحاب الاسرائيليين من قطاع غزة واستعدادهم للانسحاب جزئيا من الضفة الغربية. وهنا جاء دور الروس. موسكو لم تؤد دورها كما ينبغي حيث انشغلت بقضاياها الداخلية التي لا تقل تعقيدا عن قضيتنا، وجاءت مشاركاتها محدودة على الرغم من ان مؤتمر مدريد أعطاها الحق والمكانة، واختيرت موسكو لبعض النشاطات التفاوضية الاقليمية.

لذا ليس صحيحا ان دور الروس مفتعل وغير مبرر، كما قالت التعليقات الاسرائيلية والأميركية، بل لابد من دور لدولة ثالثة غير أميركا وإسرائيل من اجل تسهيل الانتقال التفاوضي الفلسطيني. والحق ان كل التصريحات التي صدرت عن المسؤولين في حركة حماس جاءت متوازنة ومعتدلة، ولم تلجأ الى التصعيد او إفساد ما تم اعداده في المفاوضات التي قامت بها الحكومة الفلسطينية السابقة. وطالما ان حماس هي خيار الأغلبية الفلسطينية فانه لا خيار سوى الرضى بها، والتعامل معها ومنحها كل الفرصة التي تستحقها لترتيب اوضاعها والدخول في المفاوضات إن شاءت أن تعيدها للحياة.

وهنا يأتي دور الروس الذين تفادوا دائما أخذ موقف واضح ضد اي طرف في الشأن العربي ـ الاسرائيلي سوى تصريحات علاجية هدفها تقريب وجهات النظر بدون التورط في مواقف منحازة.

ويمكن ان تعمل الحكومة الروسية وسيطا بين الاطراف الثلاثة، اسرائيل والولايات المتحدة والحكومة الفلسطينية الجديدة بعد تشكيلها. وبدون وسيط ثالث مقبول سيكون عسيرا ان يلتقي الثلاثة، خاصة ان الولايات المتحدة وضعت نفسها في خانة صعبة عندما استبق الكونغرس، الموالي عادة لاسرائيل، النتائج الانتخابية الفلسطينية، فاعتبر حماس منظمة ارهابية وحرم على الحكومة الاميركية التفاوض معها. وبعدها بأسابيع، فازت حماس وفرضت واقعا لابد من التعامل معه. وهنا صار الوضع معقدا من الناحية القانونية وبسببه سيضيع الوقت في محاولة فك الإشكال، خاصة ان المطالب التي يتعين على حماس تنفيذها ستستغرق وقتا طويلا من اجل ايجاد صيغة مناسبة لها. فمطالبة حماس تعديل مواقفها وسحب اقوالها وتغيير دستور حركتها وحظر التعامل مع رموز ضمن كوادرها تعني عمليا اضاعة زمن طويل في ملاسنات سياسية لا طائل من ورائها.

ان أحدا لم يطالب حزب الليكود اليميني المتطرف ان يستغني عن بعض اعضائه او يغير مواقفه المعلنة او المكتوبة بل جرى قبوله رغم رفضه الصريح المسبق ضد الانسحاب وإقامة دولة فلسطينية. وهذه الفرصة يجب ان تمنح لحماس طالما انها اصبحت رسميا الخيار الشعبي الفلسطيني. وهنا يأتي الدور الروسي الذي يعيد العلاقة مع الجانب الفلسطيني ويساعد الأطراف على التقدم بثقة بدل حصر حماس في زاوية واحدة والاستفراد بها وقبل ذلك محاولة معالجة ما جرى افساده من قبل الكونغرس بالتدخل في شأن من شؤون أطراف النزاع.

[email protected]