الأنانية السياسية العراقية

TT

انتهت الانتخابات العراقية منذ اكثر من شهرين، ومر على سقوط صدام حسين اكثر من سنتين، لكن الأنانية الشخصية والمصالح الحزبية هي التي ما زالت تحكم سلوك السياسيين العراقيين، وإلا كيف نفسر هذا التردد وهذا الخلاف لتسمية رئيس جديد للوزراء.

المشكلة تزداد سوءا اذا تذكرنا ان الخلاف لا يتم بن اطراف متصارعة متنافسة، ولكنه داخل تكتل واحد هو الائتلاف العراقي الموحد، وان التصارع داخل اجنحة وشخصيات هذا التكتل ادى الى شلل العملية السياسية وإلى استمرار حفلة اضاعة الوقت.

الشعب العراقي لا يستحق ان يفعل فيه السياسيون ما يفعلوا، فالمواطن العراقي ادى واجبه كاملا، صمد امام الارهاب وامام سوء الادارة وتردي الخدمات، ووقف بشجاعة في طوابير الانتخابات رغم التهديد من قوى الارهاب، ولا يجب ان يكافأ بهذه الطريقة.

صورة السياسيين العراقيين تهتز امام المواطن بسبب السلوك الاناني الشخصي، والمصالح الحزبية، وواضح ان الصراع لا يتم من اجل تعيين من هو اكثر كفاءة بل من لديه اوراق ضغط شخصية وحزبية، وحتى اقتراح ان يتم الانتخاب داخل الائتلاف العراقي الموحد لاختيار رئيس وزراء جديد يواجه بمصالح شخصية وحزبية.

الخوف هو ان تستمر هذه العقلية بعد تعيين رئيس وزراء وان تصل هذه العدوى الى تشكيل الوزراء فتضع الكفاءة وتتصدر الحزبية، واذا حدث ذلك فان هذه العدوى ستمتد الى مساعدي الوزراء والمدراء العامين وسيجد العراقيون انفسهم امام محاصصة حزبية ضيقة الأفق تعجز عن ادارة الدولة، وتسمح بتسلل المحسوبية والفساد. وضمن هذه البيئة من الصعب الحديث عن دولة حديثة وعن نظام ديمقراطي.

المشكلة الاخرى هي ان الصراعات فيما بين الاطراف الاخرى خارج الائتلاف العراقي الموحد تعيق تشكيل جبهة واسعة بديلة وتظل المعادلة قاتلة. وتظل الانانية الشخصية والحزبية هي سيدة الموقف. ويظل الحزب اهم من الوطن، والفرد اهم من الشعب.