حينما ينفتح الباب على مصراعيه

TT

مثلما تعلمون، ومثلما يؤكد الواقع المرير: ان الإنسان ما هو إلا حيوان ناطق، وبعض نطقه أو كلامه حسن ومعقول ومفهوم، وبعضه سيئ ويبعث على الغثيان. وقد أظهرت الدراسات أن معرفة المعاني الصحيحة لعدد كبير من الكلمات تفيد أكثر من أي شخص آخر من الصفات التي يمكن قيامها في تحقيق النجاح، كما أن الاختبارات الميدانية قد دلت على أن الطلبة في السنة الأولى الثانوية يخطئون في 76 كلمة من بين المائة والخمسين كلمة، وطلبة السنة الأولى في الجامعة يخطئون في 42 كلمة، وخريجي الجامعة يخطئون في 27 كلمة، وكبار الموظفين والمديرين الذين امضوا في العمل خمس سنوات فأكثر يخطئون في المتوسط في سبع كلمات فقط، لأن التفكير يعد عملية (شفوية) إلى حد كبير، وكلما زاد عدد الكلمات التي يفهمها الشخص، كان تفكيره أكثر قابلية للاتساع والتنوع والدقة.

والتوجهات الدراسية ليست هي العامل الفعال أو الوحيد في تحقيق النجاح في هذا المجال، فقد أجري اختبار القياس (المفردات) بين 20 رجلا تركوا التعليم الرسمي في سن الخامسة عشرة، وشقوا طريقهم في الوظائف التنفيذية الكبرى، فوجد أن متوسط أخطائهم لا يتعدى سبعة أخطاء في الاختبار الذي تضمن 150 كلمة، وهو نفس المعدل الذي بلغه الموظفون الذي نالوا شهادات جامعية، وهذا يدل على أن كل (كلمة جديدة) نتعلمها ما هي إلا نواة فكرية تدور حولها كثير من الأفكار المتصلة بها، والتي لا تلبث أن تدخل علمنا، فإذا تعلمنا عن قصد عشر كلمات جديدة، فإننا نكون قد أضفنا 90 كلمة أخرى دون أن ندرك ذلك.

اعترف أن موضوعي اليوم هو (جاف) أكثر من اللازم، ولكن اعمل إيه وأنا أريد أن (اتفشخ)، وأكون أستاذا من ضمن الأساتذة الذين يعلمون الناس الثقافة، لهذا أريد اختم كلامي بهذه الحادثة التي تدل على ذكاء ذلك (الحيوان الناطق) الذي سرعان ما يتعلم المفردات الجديدة، فيقال ان هناك أميرالا بريطانيا متقاعدا اخذ يتحدث بإسهاب عن كلاب البحر في مأدبة عشاء، وقال: انه في ليالي الشتاء الطويلة، وعندما تحن الذكور إلى معاشرة الإناث، تزحف فوق الثلوج وهي تصيح منادية على الإناث، ومن كثرة ما سمعت ذلك فإنني أتقنت تقليد صيحاتها، ثم وقف نافخا صدره وأطلق صيحة مرعبة مثلما يفعل كلب البحر، وما هي اقل من دقيقة، إلا وباب القاعة يفتح، وإذا بزوجته تقف على العتبة قائلة له: هل كنت تناديني يا حبيبي.

الذي انصح به: أن كل رجل يجب عليه إلا يحاول تقليد صوت كلب البحر بتاتا، وانصح كل امرأة أن تتعلم ما شاء لها من المفردات، إلا تلك المفردة التي تعلمتها زوجة الأميرال.

فلو أن ذلك حصل فما أكثر الصيحات التي سوف نسمعها في الشوارع تتردد من داخل البيوت، وما أكثر الأبواب التي سوف تنفتح على مصراعيها، بعضها بخجل، وبعضها بعصبية بالغة، وبعضها بتهور.

[email protected]