القبور لم تعرف الصمت!

TT

في وقت واحد اكتشف علماء الآثار في مصر واليونان شيئا جديدا في سلسلة (القبور تتكلم)، فما يزال لدى الموتى كلام يقولونه، وهذه الاكتشافات تؤكد أن النقطة في نهاية السطر لم يحن بعد موعدها، فعلماء الآثار في اليونان وجدوا تحت أرض مدينة مبلا مقبرة كبرى من ثماني غرف، وهذه المقبرة كانت لنبلاء لهم علاقة بالأسرة المالكة، وهذه المدينة كانت عاصمة مقدونيا أيام الملك فيليب والد الإسكندر الأكبر، ووجدوا نصوصا كاملة عن الحياة والحب والخمر، وكيف اختلطت معا فوق سطح الأرض. ثم استأنفوا وضعها تحت الأرض لكي يجدها المتوفى عندما يعود إلى الحياة !

وفي وادي الملوك بمصر اكتشف علماء الآثار الأميركان مقابر على مسافة خمسة أمتار من مقبرة توت عنخ أمون التي هزت العالم يوم اكتشافها من 84 عاما، فالملك توت الذي توفي عن 19 عاما، حكم منها عشر سنوات، عاش لغزا ومات لغزا، ولا يزال، فمن رأي العلماء أنه مات قتيلا. والدليل على ذلك اثر في الجمجمة، ثم كشفت الأشعة أنه لا توجد أية آثار في دماغه، وانه مات ولم يقتله أحد، مات بسبب مضاعفات في ساقه التي انكسرت، واكتشف الأثريون الإسبان أن الملك توت كان يشرب النبيذ الأحمر، وأن المصريين هم أول من كتب على آنية النبيذ متى زرع ومتى عتقوه ومدى صلاحيته!

ووجدوا مومياء يقال إنها للملكة نفرتيتي، التي لم يكمل الفنان تمثالها النصفي، فكانت بعين واحدة، وهي ليست مصرية وإنما أجنبية، وهذه المقبرة تعتبر أعظم الاكتشافات بعد فتح مقبرة الملك توت.

وعلماء الآثار اليونانيون يبحثون عن مقبرة الإسكندر الأكبر، وقد عاشت مصر عشرين عاما تنتظر ما يفعله أحد اليونانيين في بحثه عن مقبرة الإسكندر تحت شوارع مدينة الإسكندرية، هذا الرجل أضاع عمره وماله بحثا عن الإسكندر فلم يجده، لا هو وجده ولا علماء الآثار وجدوه هناك.

والذين ماتوا من فراعنة مصر لم يكفوا عن الكلام، فكل يوم نجد تحت التراب أثارا ناطقة بالألوان والمعادن على الجدران وفي التوابيت، ولأن الموتى لا يموتون تماما، وإنما يتكلمون، أي أنهم أضافوا لأعمارهم أعمارا أخرى يقولون فيها جديدا لم نكن نعرفه.

وقد سقطت نظريات كثيرة فقالوا إن الذي قتل الملك توت الملك الذي خلفه على الحكم، وقالوا مات مسموما، وقالوا مات بالسكتة المخية، وقالوا مؤامرة، وقد ثاروا عليه لأنه حاول أن يقضي على ديانة التوحيد، وأن ينعش ديانة تعدد الآلهة، وسوف يقال كلام كثير وليس صحيحا ما نقول: إنه صمت القبور، فالقبور لا تزال تتكلم عندنا وفي أماكن أخرى من العالم.