وقفة مع الشورى والمرأة والسيارة

TT

مرة أخرى يعود الموضوع القديم المتجدد غير المنقطع الحاضر الغائب، (قيادة المرأة للسيارة في السعودية) الى عناوين الصحف والى التغطية الاعلامية.

فلقد تناول مجلس الشورى السعودي وعلى عجالة هذا الموضوع في احدى جلساته مؤخرا، وانتهى بأن أصدر تعليقا على أن الموضوع ليس من ضمن اختصاصاته، نظرا لوجود فتوى شرعية سابقة في هذا الأمر تحديدا.

والفتوى المقصودة هذه هي فتوى قد صدرت «تحرم» قيادة المرأة للسيارة. وطبعا فقيادة المرأة للسيارة حسبما اعرف أمر حلال ولا غبار عليه ويجمع على ذلك الكثيرون في العالم الاسلامي. لقد كان الاجدر أن يقول مجلس الشورى أي رأي آخر غير القول «بأن هناك فتوى شرعية في هذا الأمر». فهناك مخارج كثيرة لتبرير عدم رغبة المجلس على الإقدام على تقديم رأي في هذه المسألة. فالكل يعلم أن المعيق الاساسي في هذا الامر هو أسباب اجتماعية وتحفظات على المشاركة الاجتماعية السوية للمرأة بصورة عامة، وقيادتها للسيارة، يقع ضمن ذلك، ولكن أن يتم اقحام فتوى دينية لمنح تحفظات اجتماعية، فهذا فيه استغلال غير مقبول للفتوى بصورة عامة.

هناك بعض الآراء والفتاوى مثيرة للاستغراب، مثل تحريم «الدش» وإهداء الورود للمرضى وكاميرات الهاتف الجوال، والتلفزيون واللاسلكي والدراجة والسيارة وتعليم البنات وتعلم اللغة الانجليزية وغير ذلك، فسبحان الله العليم والذي علم الانسان ما لم يعلم. وفتوى تحريم قيادة المرأة للسيارة ستنضم عما قريب لنفس الأرشيف الذي يضم الفتاوى السابقة.

وبالتالي، فكل الأمل في مجلس الشورى واعضائه الكرام التعامل مع مطلب طبيعي جدا وعادي جدا و«حلال» جدا بشكل ومنهج آخر، وأن لا يتم تجييره وبكل بساطة لصالح فتوى ليست مفيدة.

قيادة المرأة للسيارة حالة رمزية ونظرة اجتماعية لمسألة بسيطة «عقدت» بسبب مخاوف مبالغ فيها، وسوء ظن في نساء هذه البلاد، وسوء ظن في شبابها أيضا.

كل الأمل أن يتم النظر للمسألة بأسلوب عقلاني ومغاير، وإبعادها تماما من الإفتاء.

[email protected]