خيار إسرائيل .. حماس المحاصرة

TT

مقلقة تصريحات بعض قادة حماس التي هاجمت خطاب محمود عباس رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، وأعلنت أنها ترفض الموافقة على الاتفاقيات التي عقدتها السلطة مع إسرائيل، وأعلنت أن الخيار الوحيد هو ما تسميه خيار المقاومة.

حماس ستخطئ خطأ كبيرا إذا اعتقدت أنها يمكن أن تتحرك في الساحة السياسية الفلسطينية بشكل منفرد، وتلغي كل ما تم انجازه على طريق المفاوضات، وإسرائيل ستكون الرابح الأكبر من هذا الخيار، بل إن إسرائيل ستشجع على مثل هذا السلوك لأن ذلك سيمهد الطريق إلى أفضل سيناريو يمكن أن تصنعه إسرائيل، وهو سيناريو سهل وغير مكلف، فإسرائيل ستعلن أن انتخاب حماس هو خيار الشعب الفلسطيني، وأن الحكومة الفلسطينية منتخبة وشرعية، ولكننا ببساطة لن نتفاوض معها، وهذا سيعيدنا إلى تلك المرحلة التي كان فيها الراحل ياسر عرفات محاصرا في المقاطعة، وإسرائيل تردد انه رئيس شرعي، ولكننا لا نتفاوض معه، وكسبت إسرائيل الوقت وقامت بتوسيع مستعمراتها وتعزيز سياستها الخارجية.

مخطئة حماس إذا اعتقدت أن هذا السيناريو يمكن أن يخدمها، ومخطئ من يعتقد أن حماس المحاصرة دون تقديم تنازلات ستكون رابحة، بل العكس هو الصحيح فذلك سيعني إطلاق يد إسرائيل تحت ذريعة أن حماس ترفض السلام. وستكون حماس في مأزق، فإن هي تحركت عسكريا أصبح في يد إسرائيل المبررات لإعادة احتلال أجزاء من الضفة، وهو ما لا تستطيع حماس مواجهته بحكم اختلال موازين القوى، وإن لم تتحرك عسكريا فقد خسرت معركة السلام ومعركة الحرب.

كان الخطأ الأكبر لحماس هو دخولها الانتخابات بهذا الشكل الذي أعطاها أغلبية تورطت بها، فلو أن حماس قدمت لوائح محدودة ودخلت للمجلس الوطني الفلسطيني، وحاربت الفساد وقدمت نفسها للعالم عبر حملة علاقات عامة بأنها منظمة غير إرهابية، لاستطاعت تهيئة ظروف أفضل للسيطرة على الحكومة المقبلة، وحماس تخطئ إذا استمرت في سياسة الرفض والحديث عن خيار المقاومة، والاستهانة بالاتفاقيات التي تم انجازها. ولا طريق أمام حماس إلا بتصرف برجماتي واقعي، تظهر فيه كمفاوض عنيد لا يقدم التنازلات المجانية، ولكنه لا يرفض العملية السلمية.