بانتظار الرد

TT

إنني أريد أن أسأل سؤالاً لا بد منه، وهو: هل الغباء يولد مع الإنسان، أم أنه يتعلمه كأي علم يمر عليه في حياته؟!، إنني تقريباً أحمل هذه الصفة، بل وكل واحد منكم بشكل أو آخر يحمل بعضا من هذه الصفة، لكنه لا يعترف، وفوق ذلك أنه لا يتكلم، لكنني وبكل شجاعة نادرة لا أُحسد عليها، أعترف بذلك وأتكلم. وإذا أردنا أن نخفف هذه الصفة خوفاً من أن «تضربنا العين»، فإننا نقول عنها إنها «غفلة»، أو «سهوة».. وهذا هو ما حصل لي بالضبط، أو «بالزبط»، لكي تكون أبلغَ وأفهمَ عند البعض.

فقبل أربعة أيام بالتحديد كنت في مناسبة محترمة، وكانت تجلس بجانبي امرأة كاملة الأناقة والأخلاق العالية الرفيعة. وبحكم أن الإنسان لا بد أن يتجاذب أطراف الحديث مع من هو بجانبه حسب أصول «الإتيكيت»، فقد بدأت هي حفظها الله وفتحت أمامي باب الحديث بالسؤال عن اسمي وأصلي وفصلي وكل شيء يخطر على بالكم، وحتى اتجاهاتي العقيدية والعاطفية سألت عنها؟! وكنت أجيبها أحياناً برباطة جأش، وأحياناً بغير رباطة على الإطلاق.. وعندما انتهت من أسئلتها «وثرثرتها» بعد نصف ساعة في الأقل، سألتها بدوري: كم الساعة؟! فقالت لي: إنها العاشرة والنصف، فقلت لها دون أن أعي كلامي: أنعم وأكرم.. ثم سألتها سؤالاً أغبى و«أبيَخ» من الأول وقلت لها: هل أنت متزوجة؟! فقالت لي: لا، فقلت لها: كم عدد أبنائك إذن؟! فحدجتني بعين تشبه عين «دراكولا» قائلة، وهي على وشك «الوضع»: ماذا قلت؟! عندها تذكرت أنني «طبيت ولم يسم عليّ أحد»، قلت لها وأنا على وشك أن أتصبب عرقاً: آسف وألف آسف، اعذريني لقد أخطأت واستحق عقابَكِ، وإذا أردت أن تشتميني الآن علناً أمام الجميع فإنني قابل وتحت أمرك.. غير أنها بدلاً من أن تشتمني وقفت وأزاحت كرسيها إلى الخلف بقرف، وابتعدت عني، وهي تقول: «الحق مش عليك، الحق على التي تجلس بجانبك يا «تافه» يا «ح»، والواقع إنني لم أتبين الكلمة الثانية التي قذفتني بها، لكنني متأكد أن نهايتها هو حرف «ن».. ذهبت هي في حال سبيلها ولم يبق منها غير عطرها الذي لم استسغه إلى درجة أنني أخذت «أهفهف» حول أنفي بمنديل «كلينكس» لخمس دقائق إلى أن لحق عطرها بها.

غير أن غبائي أو غفلتي أو سهوتي، أرحم من أحد «الأعداء أو الأصدقاء»، عندما سأل سيده رزينة، بل أكثر رزانة من أم كلثوم، سألها كم عدد أطفالها، فقالت له خمسة، فردّ عليها: ما شاء الله، ما شاء الله، وهل أنت متزوجة؟!

هذه السيدة ليست كجارتي صاحبة العطر «المزنج»، لم تقف وتترك كرسيّها، إنما فتحت جاعورتها على الآخر و«اللي ما يسمع يتفرج»، لعنت أبو «سنسفيله»، ولولا بعض الحضور افتكوه من «براثينها» لكانت قد مسحت به البلاط.

فهل هناك يا ترى مستشفى يطبب الناس ويعالجهم من داء الغباء أو الغفلة أو السهوة؟!.. إنني في انتظار الرد.

[email protected]