هذا التصعيد إلى أين؟

TT

نعيش، اليوم، أجواء من التصعيد تشبه إلى حد كبير أجواء ما قبل أحداث 11 سبتمبر. أقول «تصعيد» وليس عدم استقرار، كما يردد بعض الساسة، فهذه المنطقة لم تعرف الاستقرار منذ مائة عام أو أكثر.

لنتذكر أجواء ما قبل سبتمبر، حيث التوتر الشعبي العربي وحالة الغليان أيام الانتفاضة، ومقتل الطفل محمد الدرة، وصورته التي هزت المجتمع العربي والدولي على حد سواء، وكيف استغلت تلك الصورة، حتى وصلت الى حد الغناء الشعبي.

وسياسيا اليوم، نشهد تصعيدا تقوده واشنطن وإيران، باتجاه معركة استقطاب واستعداء. واشنطن تريد، ومعها بالطبع إسرائيل، تشذيب حماس التي وصلت عن طريق صناديق الاقتراع، وإيران التي تلعب كروت العراق ولبنان وسوريا. وكذلك حماس التي وصلت وفقا لأحد بنود اتفاقية اوسلو وهو الانتخاب والإصلاح، تريد أن تفرض قوانينها على اللعبة بدلا من الاعتراف باوسلو. حماس تواصل خبط رأسها بالحائط، فإما أن يشج رأسها أو أن يسقط الحائط. ولن يسقط.

ونحن نرى قيادات حماس تستخدم كل ما بوسعها من تكتيك ودعاية وصلت لحد ما اسميه «صلاة الكاميرا» حيث رأينا إسماعيل هنية يصلي وحده على سطح مسجد أمام عدسات المصورين، وكما رأينا خالد مشعل في حضرة علي خامنئي في طهران. وهذا كله من اجل الأموال بالتأكيد، ويد إيران المالية في الأراضي المحتلة ليست وليدة اليوم بالطبع. وهنا أتساءل في ظل هذا التفرج العربي، والتمدد الإيراني في منطقتنا، هل سحبت إيران منا أهم قضايانا كما نردد دوما.. وهي فلسطين؟

وعلى الصعيد الشعبي هناك قصة الرسوم التي يذكي الموقدون نار حربها كلما أراد العقلاء إطفاءها. موقدون من الأحزاب والمنظمات والفرق وحتى وسائل الإعلام، ووصلنا فيها إلى حد الغناء الشعبي أيضا، كما كان الحال أيام قبل أحداث سبتمبر. من الواضح أن هناك من يريد استمرار الغضب، من دون أن نعي ما هو سقف هذا الغضب، والى أين سيصل.

أجواء تصعيد شعبي، وسياسي، يقابلها غياب قيادة تجابه هذه الأجواء من الانفعال، قيادة تنزع الفتيل بسحب البساط من إيران على الأقل في العراق، ولبنان. علينا أن نسال أنفسنا سؤالا واضحا محددا: هل نقبل إيران نووية؟ وهذا هو لب المسألة! إن لم يكن هناك تصد على أعلى المستويات لما يحدث اليوم من أجواء شحن شعبي، وتصعيد سياسي في المنطقة، فنحن على مشارف كارثة جديدة، أو هكذا اشعر.

لا يمكننا أن نقول: دع الأمريكيين يحصدون ما زرعت أيديهم، ففي النهاية نحن من يسكن في البناية، وإذا ما وقعت فستكون على رؤوسنا. ولا يمكن أن نتوقف لكي لا يقال إننا ننفذ أجندة واشنطن. للأسف نحن محاصرون بأجندة واشنطن وطهران، لكن ماذا عن أجندتنا نحن أبناء المنطقة الهادفين للسلام والازدهار؟

قد تكون وجهة نظري مفرطة في التشاؤم، لكن الحقائق ماثلة على الأرض لمن يريد الاتعاظ. راق لي تعبير أحدهم حيث يقول «تعودنا القول إنه لن يأتي أسوأ مما نحن فيه اليوم، ونفاجأ بان الأسوأ دائما أمامنا».

[email protected]