العرضة والوزارة الوقورة!

TT

قرأت عبر موقع «العربية نت» مساء الاثنين الماضي، خبرا يشير إلى أن وزارة التربية والتعليم في السعودية، عممت على كافة الإدارات التعليمية بإدخال رقصة «العرضة» الشهيرة، ضمن المناهج الرياضية في المدارس، وأستطيع أن أفهم أهمية تعريف الطلاب بـ«العرضة»، باعتبارها لونا من أشهر ألوان التراث الشعبي في السعودية ودول الخليج، لكن ما لم استطع فهمه، تلك العلاقة بين رقصة العرضة والمناهج الرياضية، وأصدق ما يمكن أن يقال تجاه ذلك الربط، ما يردده دائما صديقنا عابد خزندار: «اللهم إنَي لا أفهم».

وأشعر أن وزارة التربية والتعليم تدور حول رأس الرجاء الصالح، فبدلا من أن تعمم على المدارس بتدريب طلابها على العرضة النجدية كفن تراثي يفترض تقديمه في مختلف المناسبات المدرسية الاحتفالية وغيرها، إلا أنه يبدو أنها لا تزال تتعامل مع الفن كمصطلح يخدش وقارها، فألحقت رقصة العرضة بالمناهج الرياضية، ولست أدري أي سياقات يمكن أن تجمع محتويات منهج التربية الرياضية، الذي يضم كرة القدم والسلة والطائرة وغيرها برقصة العرضة النجدية.

ومهما يكن الأمر، فإن مجرد تفكير وزارة التربية والتعليم في إدخال «رقصة العرضة النجدية» ضمن مناهج التربية الرياضية، أو حتى إلحاقها بمادة الكيمياء، فإن ذلك يعتبر مؤشرا إيجابيا على انفتاح هذه الوزارة «الوقووووورة جدا» على الحياة الاجتماعية خارج جدران مدارسها، فالدور التقليدي للمدارس كان اهتمامه بالفنون هامشيا وثانويا وسطحيا، فالمسرح في حياتنا التربوية مجرد مظهر استعراضي، وليس وسيلة تربوية يمكن أن تحقق الكثير من التأثير الإيجابي في التكوين التربوي والنفسي والاجتماعي لطلابنا. وفي كل الأحوال، فإن التوجيه برقصة العرضة النجدية في مدارسنا، يمكن أن يكون فاتحة للاهتمام التربوي بالكثير من ألواننا التراثية في مناطق السعودية المختلفة التي تتسم بالكثير من الثراء والتنوع والإبهار، وأخال النشاط المدرسي اللاصفي يمثل الوسيلة الأمثل للمحافظة على التراث وانتشاره، فالتراث انعكاس لأصالة الأمم وثراء إنسانها.

فالعرضة، وإن كانت في أساسها كما يقال رقصة الحرب والسلام، فإننا نقدمها اليوم في زمن السلام كمظهر فني حضاري متوارث له إيقاعاته المؤثرة وحركاته التعبيرية وأناشيده الحماسية، وما زلت أذكر ذات زمن بعيد قدم فيه العرضة مجموعة من الطلاب المبتعثين على أحد المسارح الأميركية، وكيف استقبلها الجمهور الأميركي بقدر من الترحيب والإعجاب بإيقاعاتها وحركات المشاركين فيها، فالعرضة فن أثبت قدرته على الاستمرار والانتقال عبر الأجيال، كما أثبت قابلية انتشاره وتوسعه الجغرافي، الأمر الذي يؤكد أننا أمام لون مهم من ألوان التراث يستحق العناية والاهتمام والرعاية.. وتعظيم سلام لوزارة التربية والتعليم، ولو أن خطوتها جاءت متأخرة وعلى استحياء لا مبرر له.

[email protected]