حماس لن ينقصها المال

TT

تقديم العقوبة المالية على اعطاء الفرصة السياسية لحركة حماس، التي صارت الحكومة المنتخبة فلسطينيا، عمل يخدم حماس ولا يضرها. فقد تنادى تنظيم الاخوان المسلمين في مصر الى تقديم التبرعات الى حماس لسد اي نقص مالي، وفعلت حركات أخرى مماثلة. مجتمع النشطاء الاسلاميين لن يدخروا دولارا من اجل دعم الحركة الفلسطينية، ولن يصعب عليهم جمع مليار دولار، وهو ما ستحتاجه ماليا لما تبقى من هذا العام كمرتبات لموظفيها.

التنظيمات المعارضة والحكومات المنبوذة تبحث عن معركة تحد وهذه بالفعل معركتها، ولديها مخزون مالي هائل اثبتته مناسبات ماضية، حيث لم يعجزوا عن جمع الاموال المطلوبة في كل قضية قرروا دعمها.

تهديد حماس بحرمانها من المنح المالية، التي كانت تعطى لسلطة فتح من قبل، سيجعل «الحماسيين» يولولون ويلطمون وامعتصماه، وسيساعد الأطراف الأخرى على تقديم البرهان على انها ضحية التآمر الدولي. وبالتالي فان محاولة حبس حماس في الزاوية سيجعل منها بطلا شعبيا لا يقاوم في طول المنطقة وعرضها.

وهنا لا بد ان نفكك الاشكال الجديد بعد انتصار حماس، فالخلاف ينقسم الى شقين: قانوني وسياسي. فمن الناحية السياسية يبدو أن منع المساعدات هدفه اسقاطها او اضعافها، وهو هدف يخدم عدة اطراف على خلاف مع الحركة الأصولية. الشق الآخر يتعلق بالالتزامات القانونية الواجبة على اي ادارة سواء كانت دولا ام شركات، وهي ان ما وقع عليه من قبل يصبح ملزما لمن يجيء من بعد. وليس من حق حماس ان ترفض الاتفاقات الموقعة سابقا من قبل السلطة الفلسطينية طالما انها قبلت الوظيفة السياسية، والا لسادت الفوضى العالم. فإسرائيل لا تستطيع ان تعيد الفلسطينيين الى تونس لأنها ملزمة بعودتهم في اتفاق اوسلو، ورغم تهديدات شارون سابقا الا انه اضطر للقبول بها رغم انه لم يوقع عليها.

بإمكان حماس ان تقول ما تريد، لكن من واجبها الالتزام ولهذا السبب كانت حجة صدام حسين مرفوضة يوم مزق اتفاق الجزائر الذي وقع عليه العراق مع جارته ايران بدعوى ان الاتفاق كان جائرا. الاتفاقيات الموقعة تحترم مهما وجدت اعتراضات عليها، وان كان من حق السلطة الجديدة ان تكمل ما تبقى من مفاوضات بطريقتها ورؤيتها السياسية، ولها ان ترفض أي اتفاق جديد يخالف توجهاتها.

واعتقد ان لدى قادة حماس من الحكمة ما يجعلها تحذر التورط في لعبة التنظيمات الخارجية التي تشجعها على الرفض والمواجهة، لأن بعضها لها حساباتها واجندتها الخاصة في بلدانها او في المنطقة. الجانب الغربي اظهر حماقة بتسرعه في رفض حماس قبل ان تبدأ. عمل سياسي رديء في منطقة ملتهبة، مكتظة بأصحاب القضايا المعادية، الذين يرفعون قميص فلسطين لأغراضهم الأخرى. حماس لديها فرصة استثنائية ومهمة كبيرة تستطيع من خلالها ان تحقق للشعب الفلسطيني حلمه، الذي عجزت عن تحقيقه أمم ومنظمات وتاريخ طويل من المحاولات الفاشلة.

 

[email protected]