لأننا نعيش في خطر!

TT

كلما كان السحاب قاتما، كانت ألوان قوس قزح اكثر لمعانا.. والناس يختارون أن تكون هناك سحب سوداء.. أن تكون هناك أزمة.. وفي مواجهة الأزمة يجدون الحل. فإذا لم تكن هناك أزمة، فإنهم يخلقونها، ومن غير التأزم ومن غير التوتر، لا نستطيع أن نعيش.. ففي مواجهة التوتر يكون التحدي، ويكون الإصرار على الحل، ويكون الحل هو الهدف، ولذلك نحتمل الصبر والتعب ونقاوم اليأس..

اما إذا لم يكن هناك توتر ومقاومة وخوف، فالإنسان لا يحقق شيئا.. انظر إلى الرواد فوق سطح القمر.. انهم يطيرون ويتساقطون.. فلا شيء يقاومهم.. ولا شيء. دستويفسكي يقول: إذا لم يكن هناك إله فليس امامنا وحولنا ولا في أعماقنا إلا الفوضى.. فالله هو الذي يمسك الكون ويوجهه ويوجهنا ونحرص عليه وعلى السير والانضباط والاتجاه إلى الهدف الرفيع!

والسفينة في البحر والطائرة في الجو.. والطائرة ترتفع بالهواء وتقاومه وتنطلق به وهو الذي يحطمها أيضا..

وهناك قاعدة في علم الحيوان تقول: إن الوظيفة تخلق العضو.. أي العضو الذي يؤدي وظيفته يقوى.. والعضو الذي يعطل وظيفته يضمر..

ولذلك فنحن نترك الطفل يحاول المشي ويقع ويقوم، ففي ذلك تقوية لعضلات الساقين والذراعين.. وفي الدول الأوروبية يتركون الطفل يبكي وننزعج لذلك. ولكن لهم نظرية.. فالبكاء يقوي الحنجرة والحبال الصوتية والرئتين.. وفي نفس الوقت يجب ألا يعتاد الطفل انه عن طريق البكاء يحصل على ما يريد..

وفي أعماق المحيط نجد الأسماك لها عيون ولكن لا ترى.. لان أعماق المحيط مظلمة فلأن العين لم تعد لها وظيفة فقد عجزت عن الرؤية.. وكذلك الحشرات في الكهوف المظلمة والتي انعدم فيها الأوكسجين أيضا. ضعفت العين والرئة. وتلاشت تماما..

وكان الفيلسوف الألماني العظيم نيتشه ينصح بأن نبني بيوتنا عند قمم البراكين، لماذا ؟ لكي نعيش في خطر.. ولم نعد في زماننا هذا في حاجة إلى قمم الجبال لنستشعر الخطر. فالخطر موجود في الشارع وفي البيت وفي كل مكان. فنحن غرقى في المجالات المغناطيسية في السيارة وفي البيت وفي الجو الملوث لونا وصوتا ورائحة. فنحن في خطر. وبسبب هذا الخطر نتفنن في التخلص منه والإفلات من أنيابه ومخالبه.. وإلا فلا حياة ولا معنى لحياة بلا خطر!