اضطرابات تركيا

TT

بازدياد وتيرة مظاهرات الاحتجاج اليومية في الكثير من مدنها، يبدو ان تركيا في طريقها الى أزمة سياسية خطيرة. بدأت الاضطرابات مطلع الشهر الجاري عندما فقدت الليرة التركية حوالي ثلث قيمتها عقب حالة من الذعر دفعت العديد من المصارف الى حافة الانهيار.

جاء رد فعل رئيس الوزراء التركي بولنت أجاويد تجاه الأزمة الراهنة في صورة مناشدة غير مقنعة بالتزام الشارع الهدوء مع محاولات فاترة للإصلاح الاقتصادي. كان أجاويد على صواب عندما قال ان مجرد تغيير الحكومة في الظرف الراهن لن يحل المشكلة، لكنه كان على خطأ عندما أصر على عدم وجود بديل للسياسات التي يملي غالبيتها التكنوقراط في صندوق النقد والبنك الدولي.

تحتاج تركيا الى إجماع وطني واسع على سياسة حقيقية للاصلاح تحمي مصالح أكثر فئات المجتمع عرضة للأخطار. يقدر عدد الوظائف التي اختفت خلال الأسبوعين الأخيرين بحوالي نصف مليون، اذ ان عملية إعادة تلك الوظائف ربما تستغرق سنوات. وفي نفس الوقت، فان برنامج التقشف الذي ضغط على الفقراء دون ان يحدث إنعاشا في الاقتصاد حطم حياة عدد لا يحصى من الأسر.

أجاويد في حاجة الى اتخاذ ثلاثة اجراءات محددة. أولا، يجب تنظيم مؤتمر طاولة مستديرة تشارك فيه كل الأحزاب الممثلة في البرلمان، بغرض التوصل الى إجماع يتجاوز الائتلاف الحاكم المكون من ثلاثة أحزاب. ثانيا، يحتاج أجاويد الى تأجيل البرنامج الخاص بالانضمام الى الاتحاد الأوروبي، فمن الواضح ان الاقتصاد التركي، بعكس التصريحات السابقة لأجاويد وزملائه، لن يكون على استعداد لأي تحولات كبيرة مطلوبة خلال فترة السنوات الخمس المقبلة. ثالثا، أجاويد في حاجة الى طرح برنامج إجراءات اجتماعية لمساعدة المتضررين من الأزمة، فهذا جانب مهم للغاية في حالة الأعمال الصغيرة والمتوسطة التي بدأت تختفي بصورة مثيرة للاهتمام. ليس ثمة شك ان تحول حركة الاحتجاجات إلى الشارع التركي يعتبر تحديا للسياسة القائمة على المؤسسات في تركيا، ولهذا السبب ليس هناك حزب سياسي يمكن ان يأمل في الاستفادة من الاضطراب الراهن. العودة للسياسة القائمة على المؤسسات ممكنة فقط إذا استعادت كل من الحكومة والبرلمان جزءا من السلطة التي فقداها نتيجة فشلهما في إدارة الأزمة. هذا يتطلب، في المقابل، استراتيجية جديدة وواضحة.