الأدعية في الفكر الإسلامي

TT

كان للدكتور عبد الرزاق السنهوري باشا مذهب خاص في الاحتفال بعيد ميلاده ـ 11 اغسطس (آب) من كل عام ـ كان يخلو الى مذكراته الشخصية مجددا ايمانه بالله، وداعيا ربه ان يقويه ويعينه على العمل العام الذي نذر له حياته: خدمة وطنه وامته والانسانية جمعاء.

وإذا كانت «الادعية» ـ في فكرنا الاسلامي ـ قد غدت فنا من فنون التدين، تكتب فيها وعنها المؤلفات.. وإذا كان دعاء الانسان لربه انما يعكس «الحقيقة الجوانية» للانسان، فان في بعض ادعية السنهوري باشا ما يمثل فلسفة وآمال هذا الرجل العظيم.. ففيها نقرأ:

«اني اؤمن بالله ايمانا عميقا، هو الذي ينير لي طريقي في هذه الحياة، وهو الذي غرس في نفسي حب الخير، وهو الذي يجعل الدنيا تصغر في عيني كلما اقتربت من النهاية، فاصبحت اكثر ادراكا لحقيقتها.. وأراني، بعد ذلك، في حاجة الى ان أسألك يا الله ان تثبت فيّ الخلق القوي، خلقا يتمثل في العزيمة القوية، والاصرار على الحق، والصبر على المكروه، والاعتداد برضاء الضمير قبل الاعتداد برضاء الناس، وتطهير النفس مما يداخلها من الحقد والغيرة وحب الانتقام والغرور والزهو، وبمؤازرة الخير حتى ينتصر، ومناضلة الشر حتى يندحر. اللهم ارزقني اطمئنان النفس، وهدوء الطبع، وسعة الصدر، وقوة الصبر، والنزعة الى التفاؤل، اللهم قوني في الايمان بك، واطمعني في كرمك، وشد من عزيمتي، وابعث في نفسي الثقة، واجعلني ارقب رضاك، وقربني اليك، فأمامي عمل في هذه الدنيا ابتغي به وجهك في الآخرة.

وبي على الارض آمال مقدسة: ان يقضي عنك شيء فهو يدنيني.

وسأعمل بحولك يا ربي على ان تتوافر لي اسباب القوة، وان انبذ اسباب الضعف، وان اهيئ اسباب النصر، فاللهم القوة القوة، والنصر النصر، القوة في الحق، والنصر في سبيلك يا الله.

لقد احببت الخير للخير، وكرهت الشر للشر، وهذا وحده يكفيني في التقدم به الى الله.

تحرر من شهوتك، وتحرر من اوهامك، ثم اعتمد على الله، تلق لنفسك قوة تزعزع الجبال.

فالايمان بالله هو مظهر من مظاهر القوة. فالصبر والامل، وقبل ذلك الايمان بالله، هي عدتي في ما بقي لي من الحياة..».

ان الدعاء ـ وهو سر بين العبد وربه ـ فيه مفتاح شخصية الانسان. وان ادعية العظماء هي من مفاتيح عظمة هؤلاء العظماء.