هل من مستمع؟

TT

عندما عقد الرئيس جورج بوش لقاء مع القوات الاميركية عبر الأقمار الصناعية خريف العام الماضي، بدا أفراد هذه القوات اكثر تفاؤلا. وظل صقور ادارة بوش (معظمهم لم ير العراق مطلقا)، يصرون على ان الصحافيين يرسلون تقارير غير دقيقة حول العراق، وان غالبية الجنود يشعرون بأنهم يؤدون واجباتهم بحماسة وإخلاص. إلا ان نتائج استطلاع اجري يوم الثلاثاء الماضي، اشارت الى ان الغالبية الساحقة من الجنود الاميركيين تريد الخروج من العراق على وجه السرعة.

يقول جيمس زغبي، المسؤول عن المؤسسة التي اجرت الاستطلاع، هذا الاستطلاع هو الأول الذي يجري وسط أفراد من القوات الاميركية هناك. وتركزت اسئلة الاستطلاع، الذي شمل 944 جنديا وضابطا، حول طول الفترة الزمنية التي يجب ان يبقوا خلالها هناك، أجاب 23% بأن القوات الاميركية يجب ان تبقى طبقا للفترة المقررة، فيما قال 72% ان القوات الاميركية يجب ان تنسحب خلال فترة عام، ومن ضمن هؤلاء قال 29%، انهم يجب ان ينسحبوا «فورا»، وهذا دليل إضافي على ان سياسة واشنطن القائمة على اساس الإبقاء على قواتها لحين انتهاء مهمتها قد فشلت.

وفيما يؤكد البيت الابيض مرارا على الخطر الذي يشكله الارهابيون غير العراقيين، يقول 26 بالمائة فقط من ان التمرد في العراق سينتهي في حال عدم دخول المسلحين الأجانب للعراق. ويرى كثير منهم ان التمرد يتألف في غالبيته من العراقيين السنة الذين يشعرون بالسخط. ولكن، ما الذي يجب ان يحدث من اجل تحقيق انتصار في العراق؟

محصلة الإجابة على هذا السؤال تعكس أكثر النتائج إثارة للإحباط والكآبة.

لعله من السهل القول ان الخطأ يكمن أساسا في غزو العراق، ولكن من الصعوبة على أي من المشاركين في صناعة القرار، تحديد ما ينبغي فعله في الخطوة المقبلة. رغم انني ما ازال اعتقد ان شن الحرب كان خطأ فادحا، فإن الانسحاب الفوري سيكون خطأ آخر ايضا. ويمكن القول، في هذا السياق، ان من يعتقد ان الوضع في العراق لن يصبح اكثر سوءا، لم ير من قبل بلدا مزقته الفوضى والحرب الاهلية. يمكن القول ايضا ان موقف بوش صحيح في ما يتعلق بالنتائج المترتبة على أي انسحاب فوري من العراق وانعكاساتها على النفوذ الاميركي حول العالم.

ولكن في الوقت الذي يجب الا نتسرع فيه في الخروج من العراق، يجب ان يكون هناك جدول زمني للانسحاب بنهاية العام المقبل. كما يجب ان نؤكد بوضوح اننا لن نحتفظ بأي قواعد هناك. ربما لا يكلفنا هذا الأمر شيئا، إلا ان وجودنا في قواعد عسكرية سيثير عداء العناصر القومية العراقية ويؤدي الى المزيد من القتلى الاميركيين.

من شأن الجدول الزمني المقترح ان يجبر العراقيين على التحضير لإدارة بلادهم ـ سياسيا وعسكريا ـ خلال مرحلة ما بعد الانسحاب. كما ان الفترة الانتقالية لعام او عامين ستدفع الشيعة الى السعي للتوصل الى تسوية مع السنة، مع إضعاف حجج التمرد التي يزعمون فيها انهم قوميون يعملون على حماية الوطن من اليانكي الصليبيين.

لا ربما يشجع الجدول الزمني المتمردين على مواصلة نشاطهم لمدة عام او عامين. لكننا نتعرض للقتل ـ بالمعنى الحرفي للكلمة ـ بسبب شكوك القوميين الذين يرون اننا نسعى فقط للسيطرة على نفط العراق وإقامة قواعد عسكرية على اراضيه والبقاء عليها الى الابد. من الضروري ان نعمل على نسف هذه الدعاوى القومية. ترى، هل ستنجح فكرة الجدول الزمني للانسحاب؟

لا أعرف على وجه التحديد، لكنه خيار افضل من سياستنا الحالية، فضلا عن كونها فكرة تفضلها القوات الاميركية بالعراق. حان الوقت لكي يستمع القائد الأعلى للقوات الاميركية لصوت هؤلاء.

*خدمة «نيويورك تايمز»