الهاربون من الإنسان إلى الحيوان!

TT

نلتقي كثيراً في عيادات الأطباء البيطريين، ومعنا كلابنا وقططنا والطيور والأفاعي والفئران البيضاء، كباراً وصغاراً وبنات وسيدات وخدماً، ويدور بيننا الكلام عن أحب الكائنات لنا، وبعضنا يقبل ويعانق ويدلل ويبكي، وهمومنا واحدة، فهذه الحيوانات التي أحببناها نريدها أن تكون أحسن، وأن نوفر لها الصابون والبودرة والعطور والمبيدات الحشرية ومواعيد الطعام والطعام نفسه، ومن الممكن أن ننتظر بالساعات حتى يفرغ الطبيب من معالجة قط أو كلب، والكلاب تعوي والقطط تموء، ولأننا قد اعتدنا على هذه الأصوات لا نضيق بها ولا ننفر، وإنما نرى ذلك طبيعياً.

ومن المألوف أن تجد جارتك من دون أن تعرفك أو تجد جارك يحدثك بالتفصيل عن كلبه أو قطته وماذا جرى وما الذي أتى به إلى هنا، لا هو يمل ولا أنت، وبعد أن يتحدث كل منا عن كلبه أو قطته ونوعها ومتاعبها نتبادل أرقام التليفونات، ونكون أصحاباً، لأن لنا هماً مشتركاً، ففي البدء كان الكلب أو كان القط أو الثعبان أو الحمام الزاجل، فكلنا التقينا من دون أن ندري في جمعية الرفق بالحيوان وحب الحيوان والانشغال به والتضحية من أجله.

سألني جاري: وأنت ماذا فعلت بالكلب الذي ألقت به الخادمة من الطابق السادس ليلاً، وهل طردت الخادمة أو ضربتها، ثم ماذا فعل الجراح بساق الكلب، ثم الكلب الذي توفي لأنه أكل طعاماً مسموماً قد أعددناه للفئران وأين دفنته وهل بكيت، وهل في الأسرة أطفال رأوا هذا المشهد الحزين، وهل رأيت الفيلم الذي كان معروضاً عن القطط؟

ولم أستطع أن أجاري الدكتور حسين فوزي الذي كانت زوجته الفرنسية تربي عشرين أو ثلاثين قطاً، فلا يغادر بيته حتى تلتف حوله وتموء، ولا يعرف ما الذي يفعله، فإذا أنت جلست تزاحمت على ساقيك وكتفيك، وعندما توفي الدكتور حسين فوزي ترك القطط عند السفرجي ومبلغاً من المال، وكذلك الدكتور لويس عوض كانت زوجته الفرنسية لا تنام إلا إذا تزاحم على حضنها أربعون قطاً، وكانت لدى الدكتور لويس عوض تعليمات مشددة إن وجد القطط نائمة في سريره أن يذهب إلى مكان آخر في البيت أو عند أصحابه، ولكن لا يوقظ القطط!

صدقني: كلما عرفنا الحيوان ازددنا كراهية للإنسان!