صحافة بلا سجون

TT

خطوة كبيرة في طريق الإصلاح السياسي خطتها الكويت يوم أمس بإصدار قانون جديد للصحافة بعد سنتين من اصدار قانون الصحافة الحالي. واذكر انني دخلت عضوا في البرلمان قبل عشرين سنة، وكانت المعركة محتدمة بين الحكومة والبرلمان على هذا القانون، واستمر التوتر البرلماني الحكومي طيلة العشرين سنة الماضية بسبب رفض الحكومة اصدار قانون جديد للصحافة.

القانون الجديد يحتوي على ثلاث قضايا رئيسية ومهمة لحماية الحريات. اولها الغاء صلاحية مجلس الوزراء بإغلاق اية جريدة وتحويل هذا القرار الى القضاء، والمعروف ان القضاء الكويتي كان في اغلب القضايا متسامحا مع الصحافة مدافعا عنها، على عكس الموقف الحكومي المتشدد، والقضية الثانية هي الغاء المادة التي تسمح بسجن الصحافي، فعلى ضوء القانون الجديد لا يجوز سجن أي صحافي وتم استبدال عقوبة السجن بالعقوبة المادية، والمسألة الثالثة والهامة هي الغاء احتكار الصحف. فمن المعروف ان في الكويت خمس صحف يومية ومئات الصحف الاسبوعية، وفي ظل القانون الجديد سيسمح بإصدار صحف جديدة، وقد تم تقديم اكثر من خمسين طلباً إلى وزارة الإعلام قبل إقرار القانون.

هناك من يتحدث عن إمكانية حدوث «فوضى صحافية» إذا سمح بإصدار صحف جديدة، وهناك من يقول إن القوى الحزبية ستكون لديها القدرة أكثر من غيرها لإصدار صحف، وهذا الكلام مردود عليه، ففي أكثر الدول الديمقراطية والتي يسمح فيها بإصدار صحيفة بمجرد ملء استمارة في مكتب البريد، ليس هناك سوى عدد محدود من الصحف، فالصحافة أصبحت صناعة كبرى وليس هناك اسهل من إصدار صحف، ولكن ليس هناك أصعب من استمرارها في الصدور، كما أن الصحف الحزبية في العالم العربي بل وفي العالم هي صحف فاشلة، وتوزيعها محدود بسبب عدم ثقة القراء بالصحافة الحزبية التي هي متحيزة لوجهة نظر معينة. حرية الصحافة هي واحدة من أهم مؤشرات الحرية في أي مجتمع إنساني، فالضيق بالرأي الآخر، ودفع الناس للتعبير بوسائل أخرى أكثرها غير صحي، هو خطأ كبير وأثبتت تجربة المجتمعات البشرية المتحضرة أن الحرية هي ضمانة أساسية للاستقرار، وأن كبت الآراء هو أحد عوامل التوتر.