آهات الأسهم

TT

في سويعات قليلة تعايش السعوديون مع دراما حادة تتعلق بوضعهم المالي، فشاهدوا مؤشرات سوقه تهوي الى مستويات دنيا لم يروها منذ فترة ليست بالقصيرة، وتبددت ثروات كبيرة في ثوان قليلة، وانطلقت الصرخات والآهات وبدأت النكات تنتشر بين الناس من باب «شر البلية ما يضحك».

ولكن الأمر كان بعيدا تماما عن الضحك. السوق المالي السعودي يجري تشكليه اليوم بمحاور مختلفة، فهناك دوافع تنظيمية لترتيب السوق استدعت اصدار بعض التشريعات الادارية، والتي لم يتلقاها السوق السعودي الناشئ والهش بحسن الظن. ولكن الموضوع تخطى ذلك ليصبح مواجهة وتحديا ومعارك تكسير رؤوس بين مضاربين كبار وهيئة تشريعية.

هناك مثل هندي قديم يقول «عندما يتعارك الفيلة يموت العشب دهسا»، وهذا ما يحدث اليوم بالنسبة لشريحة عريضة من المتعاملين والمتعاملات في سوق الاسهم السعودي ممن انضموا حديثا للسوق، ويشكلون ما نسبته 54% من البالغين السعوديين، حيث أن عدد المحافظ الموجودة بالسوق السعودي تجاوز 3 ملايين ومائتي ألف. وهذه الشريحة عادة ما يطلق عليها مسمى صغار المستثمرين، وقد يكونون كذلك من ناحية القيمة المالية لمحافظهم، ولكن كشريحة عددية باتوا يشكلون العمود الفقري لمعدل النمو في هذا السوق الناشئ. وزعزعة الثقة عندهم سيكون وقعها كبيرا على ثقافة التداول التي هي في طور تكويناتها الأولى.

والذي حدث من انتكاسة حادة لمؤشر سوق الأسهم السعودي أخيرا، وتم تعريفه على أنه حركة تصحيحية، من الضروري أن يكون كذلك. ولكن المطلوب أن يكون التصحيح الحقيقي في اسلوب التعامل والتداول مع قضايا وأمور مختلفة، ولعل من أهمها هو المكاشفة والشفافية، إن فقدان التواصل وعدم توفير المعلومات يوجد الأرضية الخصبة للاشاعات وبالتالي للتضليل.

والقانون لا يحمي المغفلين، وهو أيضا لا يحمي المضاربين، ولكن هيئة السوق المالية بحاجة «لانفتاح» اعلامي حقيقي وتواصل مع الجمهور، أو على أقل تقدير مع مجلس الشورى ولجنته المالية في جلسة تبث تلفزيونيا وعلى الهواء، إذ لا يمكن مطالبة الشركات بالشفافية وهناك شكوى في شفافية الهيئة نفسها. عناصر التفوق للاقتصاد السعودي موجودة، وانعكاس ذلك واضح على السوق المالية، ولكن هناك اجراءات وتجهيزات مطلوبة لتمكين السوق والمتعاملين معه من التطوير والتحسين المستمر، والإقلال من تبعات ومفاجآت السقوط التي تحدث وتتكرر.

حركات التصحيح أو جني الارباح أو الانهيار هي أوصاف مختلفة لتطورات في أسواق المال، ولكن المهم هو استغلالها كفرص لتطوير المناخ المالي في الأسواق وازالة الضبابية منه.