حتى لا تمول التبرعات الخيرية عمليات الإرهاب

TT

من الطبيعي ان يرغب الكثير منا في مساعدة هؤلاء الاقل حظا. والمتبرعون يستجيبون في العادة بكرم عندما يطلب منهم المساهمة في مساعدة المحتاجين. وللاسف، سعى البعض لاستغلال هذا الشعور النبيل وتحويل اموال التبرعات الى مجال دعم الارهاب. فخلال السنوات القليلة الماضية اساءت عدة جماعات ارهابية عمليات الجمعيات الخيرية وحوّلت بعض الاموال التي تم التبرع بها الى نشاطات تجنيد وتدريب ارهابية بالاضافة الى تنفيذ عمليات ارهابية حول العالم. ولا يعرف المتبرعون بهذه النشاطات ولكنها زعزعت الثقة في نزاهة قطاع الجمعيات الخيرية، كما انها تحرم المستفيدين الشرعيين من التبرعات التي يحتاجونها بشدة. والتوقيت مناسب الآن لبذل المزيد من الجهود للتأكد من ان التبرعات الخيرية تذهب الى مجالها الصحيح في مساعدة المحتاجين.

ويمكن للحكومات ان تقدم الحماية لهؤلاء الذين يتبرعون للجمعيات الخيرية، وذلك بسن بعض القواعد والشروط التي من شأنها تسهيل عمل هذه الجمعيات وليس عرقلته. من الشروط المطلوبة من الحكومات الزام الجمعيات الخيرية بالافصاح وشفافية الحسابات والاشراف عليها لحماية نشاطاتها القانونية. ويمكن للمسؤولين عن الاموال الخيرية ان يتأكدوا من ان العاملين في مجال جمع الاموال الخيرية ومن يساعدونهم في نشاطهم ليست لهم اية علاقات مع جماعات ارهابية. ويجب ان يكون ممكنا للمتبرعين الاطّلاع على حسابات الجمعيات الخيرية للتأكد من ذهاب التبرعات الى وجهتها الصحيحة.

وفي الولايات المتحدة، تعمل وزارة الخزانة مع الجمعيات الخيرية الاهلية للتأكد من استمرار تقديم الدعم الخيري لمن يستحقونه حول العالم، وايضا تلبية متطلبات الأمن الوطني. وتقدم وزارة الخزانة العديد من الارشادات والمطبوعات حول تجنب تمويل الارهاب وافضل وسائل التبرع وحماية اموال الجمعيات الخيرية التي يمكن الاطلاع عليها على موقع الوزارة الإلكتروني. ان المجتمع الدولي يتخذ ايضا العديد من الخطوات للتأكد من أن المعونات الخيرية يتم انفاقها في المجالات الشرعية وللافراد الذين يستحقونها. وترفع وكالات الامم المتحدة من درجة يقظتها وحرصها حتى لا يذهب الدعم الدولي الانساني الى جهات غير خيرية او منظمات تدعي انها لا تعمل من اجل الربح وتمنع الامم المتحدة التعامل معها وفق لوائح الحظر للجهات المتورطة في تعاملات مع القاعدة او اسامة بن لادن او طالبان. ان المادة الثأمنة من توصيات لجنة العمل المالية الدولية (فاتف) تدعو الحكومات الى اتخاذ الاجراءات اللازمة لمراقبة وتنظيم عمل الجمعيات الخيرية لكي تتجنب اساءة استخدامها من قبل جماعات ارهابية. وهناك العديد من الدول التي انشأت، او في طريقها الى انشاء لجان للاشراف على الجمعيات الخيرية. وهناك الكثير الذي ما زال يتعين انجازه. فالعمل الخيري هو عمل نبيل تنص عليه الاديان السماوية والثقافات والحضارات في مختلف انحاء العالم. ومساعدة المحتاجين هي جزء لا يتجزأ من الديانات السماوية. ويتجه حجم الاموال الموجهة للاعمال الخيرية حول العالم الى الزيادة الى درجة انه يتفوق على حجم اموال الدعم الحكومية. وهذه التبرعات لا غنى عنها في عمليات الاغاثة وفي تنمية العديد من الدول الفقيرة. نأمل ان يستمر كرم المانحين بحيث تستمر التبرعات في الزيادة. ومن اجل ان يتحقق هذا لا بد ان نأخذ جميعا خطوات لمنع مجرد الاشتباه في اساءة استخدام اموال التبرعات من قبل جهات متورطة في الارهاب.

* مساعد وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون الاقتصادية والزراعية، (خاص بـ «الشرق الأوسط»)