أحب الطغاة إلى قلب المرأة (1ـ3)

TT

شعراء ورسامون وموسيقيون هؤلاء الذين يصممون أزياء المرأة. إنهم يكتبون بالقماش على جسم المرأة، إنهم قادرون على إخفاء وتعرية ما يريدون من جسمها، وخطوطهم قضاء وقدر ولا راد لها، فالمرأة تمشي وراء الموضة بدون تفكير. وهي براعة فريدة كيف يرسمون ويغيرون ويبدلون الحرير والقطن والخيوط الصناعية كل موسم وكل سنة، وليس القماش فقط في طوله وعرضه، وإنما طول الذيل نازلا صاعدا، وطول الأكمام وخط الرقبة، وإذا غطوا الصدر كشفوا الظهر وإذا أطالوا الذيل تعرى الذراعان.

ومن خمسين عاما وهم عاجزون تماما عن إعادة خط الذيل إلى ما كان عليه في أوائل الخمسينيات عندما ابتكر ديور (النيولوك) فطال الفستان، وقد وقفت به شانيل فوق الركبة تماما، ثم جاءت موضة الشوال ومن بعدها موضة سابرينا أي خط الأكمام إلى الكتفين مع استقامة خط الرقبة.

ولا منطق للموضة نفسها، وإنما الموضة هي التي تفرض المنطق، فعندما كانت هناك أزمة النسيج بعد الحرب العالمية ظهرت موضة ديور فأطالت الذيل ووسعت الفستان، وعندما أزدهرت صناعة النسيج في الدنيا، قدمت مصممة الأزياء البريطانية ماري كوانت موضة الميني والميكرو، وتمسكت المرأة بالموضة التي تكشف الساقين، ولا تريد حتى الآن أن تحيد عنها، ولا استطاع مصممو الأزياء. وقال مصممو الأزياء الإنجليز إن الدنيا كلها تنتقل إلى شارع اكسفورد في لندن لتصب ألوف الملايين تحت السيقان الجميلة التي تعرت بقرار شخصي من الآنسة ماري كوانت التي أغرقتها ملكة بريطانيا بالنياشين. ولم يعد منافسا لبنات أوروبا إلا بنات اليابان، فبعد الاحتلال الأميركي اعتدلت سيقان الفتاة اليابانية، ولم تعد أمها تحملها على ظهرها منفرجة الساقين وإنما تركت أطفالها تمشي على الأرض تقع وتنهض عشرات السنين فاستقامت سيقان المرأة ولم تعد في حاجة إلى ارتداء الكمونو الذي يستر اعوجاج الساقين، ولان اليابانيين تعلموا أن يأكلوا اللحوم فقد طال قوام المرأة وانكشفت ساقاها الجميلتان، وحارت العيون بين لندن وباريس وطوكيو. وأذكر أنني سافرت إلى أوكرانيا وكان الجو حارا ونقلت عني الصحف أنني قلت إن هناك معاهدة غير مكتوبة بين بنات أوكرانيا والشمس. الشمس تلهب الجو فتضاعف الجميلات تعرية سيقانهن، في أوكرانيا أجمل نساء الدنيا. صدقني!

ولا شيء يدل على قلق المرأة إلا الموضة، هي تريد تغيير ما ترتديه ومصممو الأزياء يمشون وراءها، لتمشي هي وراءهم، وتشتعل المنافسة من حملة المقصات وصناع الحرير والقطن ومقصات الكوافيرات ومصانع التجميل في الدنيا، إنها جميعا تعمل في خدمة قلق المرأة وزيادته، ولا اعتراض من أحد، لا المرأة تعترض ولا الرجل الذي يدفع يعترض، ان رجالا من نوع خاص هم المستبدون في حياة المرأة. إنهم مصممو الأزياء. انهم أحب الطغاة إلى قلوب النساء وابغضهم إلى جيوب الرجال. ورأي الرجل لا يهم!