واعترض الرئيس عبد الناصر فتوقفت (3 ـ 3)

TT

وظللت أكتب عن الموضة واصفا أزياء المرأة أكثر من عشرين عاما وبأسماء مستعارة هي: أحلام شريف ومنى جعفر وهالة أحمد وسيلفانا مارييللي. ولا يعرف أحد أنني الذي أكتب وأصمم الصفحات، والسبب أن زميلاتي في المجلات التي رأست تحريرها لا يعرفن الفرنسية جيدا، وليس في متناولهن أن يتابعن مجلات الموضة. وقد رأست تحرير مجلات: «الجيل» و«هي» و«آخر ساعة» و«أكتوبر» وجريدة «مايو»، وهي جريدة الحزب الوطني الحاكم في مصر.

وقد وقع حادث في سنة 1970 جعلني أتوقف نهائيا عن الكتابة عن الموضة، فقد حضرت عرضا في القاهرة، وكنت قد حضرت عروضا في روما تحت اسم نسائي هو أنييس منصور، أما الذي حدث فهو أن الأزياء لم تعجبني وفي نفس الوقت لم تعجبني مشية العارضات، فالأصل في عرض الأزياء أن تكون العارضة مجرد شماعة تعرض الفستان وليست فتاة راقصة تعرض نفسها لا فستانها، ولذلك تفنن مصممو الأزياء في جعل مشية المرأة آلية جافة كأنها روبوت، حتى يلتفت الرجال والنساء إلى فستانها وليس إلى التي ترتدي وتتمخطر، وإنما الذي وجدته أن العارضات المصريات قد تحولن إلى راقصات، وكانت عارضة الأزياء الأولى في ذلك الوقت هي الفنانة الآن رجاء الجداوي والتي خالتها الراقصة تحية كاريوكا، وكنت أقول إن كاريوكا يجب أن تخرج فورا من عروض الأزياء المصرية، فالمثل الأعلى في الخارج هو راقصة الباليه أو الإنسان الآلي، وعندنا كاريوكا وسامية جمال!

حتى الآن لا بأس، ولكن لاحظت علامة زرقاء على ساق إحدى العارضات، وتساءلت إن كانت هذه العلامة قد رسمها مصمم الأزياء، أو هي انتقلت من أحد الفساتين إلى بشرة العارضة أو هي ما تبقى من أصابع أو أسنان!

وفي اليوم التالي جاء وكيل المخابرات المصرية السيد إبراهيم بغدادي يسأل الأستاذ مصطفى صاحب مؤسسة (أخبار اليوم) وصاحب مجلة «آخر ساعة» عن المحررة التي كتبت هذه المقال، فقال مصطفى أمين: انها ليست محررة إنها رئيس التحرير، وتساءل وكيل المخابرات: هل هذا يليق؟ ان الرئيس جمال عبد الناصر قد تضايق من مثل هذه الإشارات والتلميحات وأنه لا يجب هذا الخروج عن الأدب واللياقة!

ولم يتساءل أحد: وما الذي جعل الرئيس يترك كل هموم السياسة والاقتصاد ويلتفت إلى ساق إحدى العارضات!

وتوقفت!