التهديد... سلاح فاشل

TT

بعد ان اعتادت اسرائيل على تحميل غيرها وزر افعالها وتجاهل «الفعل» الذي ترتكبه بالتركيز على «ردة الفعل» عليه، لم يعد ثمة مجال لاستغراب تهديد وزير دفاعها، بنيامين بن اليعازر، للبنان وسورية بأن «يدفعا ثمن» الهجوم الذي شنه مقاتلو «حزب الله» على دورية اسرائيلية في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة واسفر عن مقتل جندي وتفجير دبابة «ميركافا».

وبعد ان حولت حكومة ارييل شارون الاراضي المحتلة كلها الى جبهة مواجهة واحدة، لم يعد لديها اي عذر للتخوف من فتح «جبهة ثانية» بوجهها في الجنوب اللبناني. وإذا كانت استراتيجية شارون في معركة قمع الانتفاضة تنطلق من فرضية تقول بان كل اساليب العنف مبررة في مواجهة الانتفاضة الفلسطينية ـ بدءا بالاغتيالات الفردية وانتهاء بجرف البيوت والبساتين بـ«البولدوزر» ـ فلماذا يضيق صدره، وهو الجنرال المعروف ببطشه، بعملية مقاومة محض عسكرية لقواته التي تحتل مزارع شبعا في الجنوب اللبناني؟

ولماذا تستغرب حكومة شارون استعمال المقاومة الفلسطينية للقنابل الانبوبية في مواجهة آلتها العسكرية الضخمة في معركة الاستقلال عن الاحتلال الاسرائيلي، وعصابات «الهاغانا» كانت أول من استعملها (وكانت تعرف بمورتر دافيدكا) في ما تسميه اسرائيل بحرب «استقلالها» عام 1948؟ إذا كان التاريخ يعيد نفسه، على هذا الصعيد على الاقل، فمن المؤسف ان لا تكون حكومة شارون قد استخلصت العبر اللازمة من تجاربها الذاتية، فتستمر في اعتبار كفاح الفلسطينيين الاستقلالي «ارهابا» ومقاومة الاحتلال «عنفا» غير مبرر.

وفي هذا السياق قد يكون الاجتماع المقرر عقده اليوم بين شيمعون بيريس وارييل شارون، من جهة ووزير الخارجية الاردني، من جهة ثانية، مناسبة مواتية للخروج بموقف اسرائيلي ايجابي حيال المبادرة المصرية ـ الاردنية التي وافق عليه الرئيس الفلسطيني، ياسر عرفات، لتخفيف التوتر واستئناف المفاوضات.

ربما يشعر شارون عشية هذا اللقاء بأنه اصبح بحاجة ماسة الى التصعيد الكلامي في لهجة تهديداته بعد ان فشل تصعيده العسكري في كبح استمرارية الانتفاضة.

الا ان تكرار هذه التهديدات، وتكرار تجاهل المقاومة الفلسطينية و«حزب الله» لها افقدها وقعها ومفعولها في آن واحد وبات يهدد «سمعة» شارون نفسه بالانهيار، كآخر سلاح اسرائيلي لـ«تصفية» المقاومة.