أسلمة سوق الأسهم السعودي..!

TT

عندما كنت طالبا في المدرسة كان استاذ العلوم يقوم بتجربة فيمسك بقطعة من السكر ويضعها في الماء فتذوب و«تختفي» وبقيت في حيرة أتساءل أنى اختفت قطعة السكر تلك؟ هل «سحرنا» الاستاذ؟ هل أخفاها؟ ولم ارتح من التفكير حتى تلقيت التفسير العلمي من «الاستاذ» الخبير المتخصص في هذا المجال، وبالتالي «فهمت» المسألة. والتخصص مطلوب وأساسي «لفهم» المسائل. وفي الشأن الاقتصادي والمالي ينطبق هذا الأمر وبامتياز على ما يحدث اليوم في أمور التمويل والاستثمار والاقتصاد. فالمسائل المستجدة والموجودة تتطلب التخصص والبحث المستمر بعمق وتروٍ، لا الحكم على الشأن برأي مضت عليه 800 سنة أو ما يقارب ذلك. فالمسائل المالية الحديثة كالتأمين والتأجير المنتهي بالتملك وأسواق المال، كلها أمور جديدة لم تمر على السلف الصالح ليحكم عليها وبالتالي نستفيد منها. ولكن الأمر يتعلق على الخلف الصالح القادر على اعطاء الرأي المتخصص وليس العاطفي فقط، فعليه مجال الاجتهاد واسع ومفتوح لتقديم الآراء المبنية على حقائق وأرقام.

وحينما ذكر خطيب الحرم المكي الشريف في خطبة الجمعة الأخيرة أنه يطالب «بأسلمة» سوق الأسهم السعودي، أثار بذلك نقطة خطيرة للغاية وسؤالا افتراضيا غير بسيط: هل سوق الأسهم السعودي غير مسلم؟! هل هو بوذي؟ هندوسي؟ السوق سوق مسلم، ولكن الأسهم ليس فيها مسلم وغير مسلم ؟! لكن هناك مصالح ومسؤوليات وطرق وأساليب أداء تنطبق على الجميع، بحيث يكون النفع والأمان والعدالة مضمونة. فعدد الآراء التي تقسم شركات السوق ما بين النقي وغير النقي أمر أثار بلبلة هائلة، نظرا لانقسام الآراء في هذا الشأن. فهناك آراء ترى أن السوق فيه ما بين الـ 12 الى 27 شركة نقية فقط ! هكذا آراء أقل ما يقال عنها إنها تحدث البلبلة وتثير القلق في سوق حساس جدا، به مصالح لمئات الآلاف من الناس وخصوصا اذا ما بني منها ما هو على غير تخصص كامل. اقحام «الدين» بشكل عشوائي في أمور دقيقة وحساسة تمس أرزاق الناس أمر ليس بالبسيط، ويجب أن يكون الطرح مسؤولا ويراعي ذلك. سوق الأسهم السعودي موجود منذ أكثر من عشرين سنة، وتتعامل فيه اعداد غير قليلة من الناس، ولم يكن أبدا من قبل الطرح عنه بعين الحلال والحرام والنقي وغير النقي، ولكن الأكيد أن الذي يتحدث في هذا الشأن يجب عليه أن يكون على دراية هائلة وتخصص دقيق وإلمام عميق.