إياكم وهذا الحزب المحظور!!

TT

انه قدر محتوم علينا جميعا ان يتعرض احدنا في حياته للتعامل مع ذوي الطباع الصعبة، او بعبارة دارجة «المتعبين» ـ لا كثرهم الله ـ، فقد يكون هذا «المتعب» او المنغص قريبا لك كأخيك ـ او ما هو اقرب او ابعد ـ وهذا في ظني أسوأ درجات التنغيص، او قد يكون جارا لك او زميل عمل او ربما كان رئيسك في الوظيفة او ساقتك الاقدار لتكون رئيسا عليه. فتش عن هؤلاء «المتعبين» المنغصين تجدهم «حولك وحواليك»، بل ربما كنا ـ ونحن لا ندري ـ احد اعمدة المنغصين وسادتهم!! ومما يصيب الانسان بالنكد انهم لا يدرون انهم كذلك ولو قرأوا هذا المقال لظنوا انه يعني غيرهم!! المشكل في هؤلاء «المتعبين» انهم في كثير من الاحيان (قاعدين على قلبك)، فيستحيل في الجملة ان تتخلص منهم او حتى ان تخلص نفسك منهم، ان اتعبتك سيارتك تخلصت منها بالبيع، وان نغصت عليك ساعتك بكثرة اعطالها قذفت بها في اقرب «مزبلة»، وان نكد عليك كومبيوترك ـ وكثيرا ما يفعل ـ فاما ان تتعامل معه تعاملك مع الساعة او تهديه للأولاد، هذا يتعلم منه وذاك يتعلم فيه، والمتعب من اولادك «يبرد حيرتك» فيه بالتعلم عليه بامتطائه والاجهاز عليه.

لكن ان اتعبك رئيسك في العمل بشراسة اخلاقه (كأني بالمرؤوسين «المطحونين» يفركون ايديهم ويتمتمون: صدقت ورب الكعبة)، او نكد عليك جارك بكثرة شكاواه، او نغص عليك زميلك في العمل (وكثير ما هم، وما ينغصون!!) بمؤامراته وحبائله وكثرة مشاكساته، او ضيق الدنيا عليك موظف بهذره وقلة قدره وقدرته، فماذا عساك فاعل غير الحوقلة والحمدلة للذي لا يحمد على مكروه سواه!!؟ فرئيسك لا يمكن ان توبخه الا في الاحلام، وزميلك في العمل لا يمكن ان يتحرك من وظيفته الا اذا تحرك الميت، وجارك لن يتزحزح عن بيته الا اذا تزحزح «احد» عن المدينة. اما اذا كان الرئيس حاصلاً على درجة «مشكلجي» مع مرتبة التنكيد الاولى، والمرؤوس تعين على كادر «المنغصين» بتقدير ممتاز، فاللهم يا كافي!! فر من هؤلاء المجذومين ومن اداراتهم فرارك من الاسد.

قد يكون المنتمون الى حزب «التنغيص» المحظور قليلين ولكنهم موجودون، والاشكال الاكبر هو في كيفية التعامل معهم، يقول احد علماء النفس (ان القدرة على التعامل مع الآخرين شيء لا يمكن شراؤه ولكني مستعد ان ادفع في مقابلها اكثر مما ادفعه على اي شيء آخر في العالم)، ويتصور الكثير ان نبذ «المنغص» او اقصاءه او مقاطعته او الثأر منه او حبك المؤامرات ضده هو الاسلوب الامثل لمعالجة استفزازاته وتنكيداته، وهذا وان شفى غليلا مؤقتا فانه يعطي نتائج عكسية، اذ انه يجعل اجواء العمل محمومة مكهربة وبدل التركيز على الانتاج تبرز على السطح المشاحنات والغيبة والنميمة ونصب الفخاخ. وللحديث بقية.