التقدم بحاجة إلى قرار سياسي

TT

معركة انتخابية بلدية شرسة تشهدها الكويت على مقعد واحد، بعد توزير أحد أعضاء المجلس البلدي. وهي معركة شاركت فيها النساء المرشحات بشراسة وقوة. إحدى المرشحات نجحت في جمع آلاف الناس في مقرها الانتخابي، وقامت بجولة على الدواوين «الرجالية» مخترقة تقليدا قديما يعتبر الديوانية مقصورة على الرجال. والحكومة اضطرت تحت ضغط شعور النساء بصعوبة الاتصال المباشر بالناخبين إلى تنظيم مناظرة تلفزيونية بين المرشحات والمرشحين عبر التلفزيون الرسمي، وهو ما يعتبر تطويرا للدعاية الانتخابية وخطوة كبيرة باتجاه ترشيدها.

من يشاهد ردة فعل المجتمع الكويتي على الحملة الانتخابية الحالية يصاب بالحيرة، فهناك قبول عارم لفكرة ترشيح النساء، بل هناك دعم رجالي كبير للمرشحات، ومن يصدق أن هذا المجتمع الذي كان يعبر عن اعتراضه وشكه في دور النساء قبل سنة من الآن يتقبل الفكرة بشكل مدهش.

الحال نفسه بالنسبة لوجود وزيرة في الحكومة، فأعضاء البرلمان والصحافة يتعاملون مع وجود الوزيرة بشكل طبيعي جداً، بل إن أحد النواب الذي حاول أن يغمز للوزيرة من قناة، باعتبارها أنثى، تعرض لحملة صحفية كبيرة وكان ذلك درساً له ولغيره.

واضح أن المجتمعات تخاف بطبيعتها من الجديد، وهناك محاولات لتخويف مجتمعاتنا من كل خطوة جديدة. لكن المؤكد أن المسألة تحتاج إلى قرار سياسي شجاع في قضايا يعتقد الناس بصعوبتها، حتى إذا حدثت أصبحت أمراً طبيعياً. وفي الخمسينات أثير في الكويت موضوع تعليم البنات وكان أمراً مستغرباً في البداية، ثم أصبحت المرأة الكويتية وزيرة ومندوبة في الأمم المتحدة ومديرة جامعة، وتقبل المجتمع هذا الوضع بكل بساطة. وعلى متخذي القرار إلا يعتقدوا أن ما يطرحه بعض المتطرفين باسم الدين يعبر عن مجتمعاتنا بالضرورة، فهؤلاء لديهم أجندتهم السياسية، ويحاولون تخويف المجتمع من أية خطوة تقدمية، ومن الضروري الانتباه إلى أن مجتمعاتنا محافظة من دون تزمت، ومنفتحة من دون تسيب، وهي مجتمعات طبيعية، ولكن القوى المتطرفة تصورها على غير حقيقتها، وتحاول أن تتحدث زوراً وبهتاناً وكأنها ممثلة للمزاج العام للمجتمع. الانتخابات البلدية الكويتية تواجه فيها النساء صعوبة تتمثل في تحالف قبلي ديني ضدها، ولكن النساء المرشحات نجحن بتفوق حتى قبل ظهور نتائج الانتخابات. وحتى لو انتهت الانتخابات بفوز رجل أو امرأة فإن التجربة كانت ناجحة بكل المعايير..!