معالم في طريق المسلمين الأميركيين

TT

تسعى الاقليات المسلمة في الولايات المتحدة الاميركية جاهدة الى تحقيق موقع متميز في الخارطة السياسية الاميركية. وقد بذلت المنظمات والمؤسسات والمراكز الاسلامية في اميركا جهودا مقدرة في هذا الخصوص، ومن انجازاتها العظيمة انها عملت مخلصة جاهدة في تعبئة الجاليات المسلمة الاميركية للمساهمة الفاعلة في الانتخابات الرئاسية الاميركية الاخيرة. ولقد شهدت خلال زياراتي الى الولايات المتحدة قبل هذه الانتخابات جزءا كبيرا من الحملات الانتخابية التي نظمتها هذه المؤسسات والمنظمات والمراكز الاسلامية من اجل حشد الصوت الاسلامي الاميركي وتوجيهه التوجيه الصحيح الذي يخدم مصالح هذه الجاليات المسلمة في هذه البلاد. وحققت هذه الحملات اهدافها، ولكن هذه المنظمات والمؤسسات الاسلامية الاميركية لم تركن لهذا النجاح، بل سعت وما تزال تسعى سعيا حثيثا من اجل الحصول على المزيد من المكتسبات السياسية.

ومن النجاحات التي تحققت للأقليات المسلمة الاميركية بفضل الله تعالى وبجهود الاخوة من قيادات العمل الاسلامي في اميركا، بالاضافة الى ما تحقق في الانتخابات الاميركية، انه لأول مرة تقام صلاة الجمعة بصورة منتظمة في مبنى الكونجرس، وكذلك افتتاح مجلس النواب الاميركي احدى جلساته بدعاء اسلامي تقديرا للاسلام كأحد الاديان الرئيسية في الولايات المتحدة الاميركية ولدور المسلمين المتزايد في نهضة المجتمع الاميركي. وقد اشتمل الدعاء الذي تلاه الشيخ بسام الاسطواني رئيس مجلس امناء مسجد دار الهجرة في ولاية فيرجينيا، والذي يُعد احد اكبر المساجد الاميركية واشهرها، على ترجمة معاني بعض الآيات القرآنية وسورة الفاتحة. وعقب توم ديفيز عضو الكونجرس، وهو النائب الجمهوري عن ولاية فيرجينيا على هذا الدعاء الاسلامي في كلمة شكر فيها الشيخ الاسطواني، واصفا الدعاء بالمؤثر. كما ابرز دور المراكز الاسلامية وقياداتها في نهضة المجتمع الاميركي. وكان الشيخ الاسطواني قد وصف دعوته لتأدية الدعاء الافتتاحي بانها «تعبير عن احترام الكونجرس للمسلمين الاميركيين وعقيدتهم وثمرة لجهود المراكز والمؤسسات المسلمة المتواصلة للمشاركة بشكل متميز في مختلف اوجه الحياة الاجتماعية الاميركية، ولما تتمتع به الجالية من كفاءات تعليمية ومهنية عالية. وان الامر الآن قد تجاوز مرحلة الاعتراف بوجود المسلمين كجماعة متميزة داخل المجتمع الاميركي الى مرحلة ممارسة المسلمين الاميركيين لحقوقهم وواجباتهم كجالية مسلمة اميركية فعالة». ويذكر ان علماء مسلمين قد دعيوا لتلاوة الادعية الافتتاحية لبعض جلسات الكونجرس وغيره من المؤسسات السياسية الاميركية عدة مرات في الماضي. والمعروف ان هناك حوالي ستة ملايين مسلم في اميركا.

وفي اطار الجهود التي تبذلها المؤسسات والمنظمات والمراكز الاسلامية الاميركية من اجل المشاركة الفاعلة في الحياة السياسية الاميركية، يرعى مجلس العلاقات الاسلامية الاميركية في ولاية منيسوتا غدا برنامجا لتدريب المسلمين الاميركيين على اساليب الضغط السياسي (اللوبي) في الكونجرس الاميركي. ويتضمن هذا البرنامج الذي سيقام في مبنى الكونجرس بواشنطن، تنظيم لقاءات بين المسلمين الاميركيين وبعض اعضاء الكونجرس، والاستماع الى محاضرة يلقيها احد المشرعين في كيفية تمرير القوانين في الكونجرس وتشكيل مجموعات من الزائرين المسلمين، حيث تتولى كل مجموعة زيارة احد اعضاء الكونجرس بخصوص قضايا معينة. وقد دعت «كير» المسلمين الاميركيين للمشاركة في البرنامج لما يتضمنه من فوائد كالتدرب على طرق الضغط السياسي (اللوبي) واظهار قوة المسلمين الاميركيين.

ومما لا شك فيه ان تدريب المسلمين الاميركيين على فنون واساليب الضغط السياسي (اللوبي) يعد نقلة نوعية في عمل هذه المؤسسات والمنظمات والمراكز الاسلامية الاميركية في تشجيع المشاركة السياسية الفاعلة للمسلمين الاميركيين، وتدريب قياداتها على اساليب ناجزة في الحصول على المزيد من المكتسبات السياسية في اميركا، هذه معالم في طريق المسلمين الاميركيين. كما ان على القيادات الاسلامية في اوروبا ان تنهج هذا النهج العلمي المدروس في اساليبها لتشجيع المسلمين الاوروبيين في المشاركة السياسية الفاعلة مستقبلا.